للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال محمد: أحسنتَ والله يا ماني، ثم غنّت بشعر أبي نواس: [من الخفيف]

يا خليليَّ ساعةً لا تريما … وعلى ذي صبابةٍ فأقيما

ما مررنَا بقصر زينبَ إلَّا … فضحَ الدمعُ سرِّيَ المكتومَا (١)

فقال ماني:

ظبيةٌ كالهلالِ لو تلحظُ الصـ … ـخرَ بطرفٍ لغادرتهُ هشيمَا

وإذا [ما] (٢) تبسَّمتْ خِلْتَ ما يبـ … ـدو من الثَّغر لؤلؤًا منظومَا

فطربَ محمدٌ وقال: يا ماني، الرغبةُ في حسن ما تأتي به حائلةٌ بينك وبين الرهبة، فإن كنتَ مجيزًا فأجزْ هذين البيتين: [من السريع]

لم تطبِ اللذات إلَّا بما … دارت به أنفاسُ فيُّوسَهْ

غنَّت غناها مظهرًا لذَّة (٣) … كانت بحسنِ الصبرِ محبوسَهْ

فقال ماني:

وكيف صبرُ النفس عن غادةٍ … تظلمُها إن قلتَ طاووسَهْ

وجُرْتَ إن شبَّهتَها بانةً … في جنَّةِ الفردوسِ مغروسَهْ

فقال له محمد: فاعدلْ في الوصف، فقال ماني:

جَلَّت عن النعتِ فما فكرةٌ … يدركها بالوصفِ محسوسَهْ

فدعتْ له الجارية، ثمَّ قال محمد: هات يا ماني، فقال: [من المديد]

مدمنُ الإغضاءِ موصولُ … ومديمُ العتبِ مملولُ

ليس لي شغلٌ فيقطعني … فارقت نفسي الأباطيلُ

أنا مغبوطٌ بزورةِ من … ربعُهُ بالجود مأهولُ

طاهرُ الأعراق ذي أَنَفٍ (٤) … عرفُه للناسِ مبذولُ

دمُ من يشقى بصارمه … مع هبوبِ الريح مطلولُ


(١) ديوان أبي نواس ص ٥٨٢.
(٢) ما بين حاصرتين من المصادر.
(٣) في مروج الذهب ٧/ ٣٧٠، وعقلاء المجانين ص ١٢١: عبرةً.
(٤) كذا في (خ) و (ف). وفي مروج الذهب ٧/ ٣٩٢، وعقلاء المجانين ص ١٢٢: طاهري في مواكبه.