للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدور، وخرجوا ومعهم باكباك وهو يقول: الساعةَ أقتل بغا، فجاؤوا إلى الجَوْسَق بسامرَّاء، وبلغَ ذلك بغا، فخرجَ في غلمانه، وهم زهاء خمس مئة، ومثلهم من ولده وقوَّاده، فصار إلى السنّ من بلد الموصل، وكان معه من العين تسع عشرة بَدْرَة دنانير، ومئة [بدرة] (١) دراهم، أخذها من بيت مال السلطان.

وقيل: لمَّا بلغَه أنَّ المعتزَّ قد صار إلى الكرخ خرج إلى عُكْبَرا في خواصّه، ثم مضى حتى صار في السنّ، [فشكا أصحابُه] (٢) بعضُهم إلى بعضٍ ما هم فيه من العَسْف، وأنَّهم لم يخرجوا معهم بمَضَارب، وأنَّهم ليس معهم ما يُكِنُّهم من البرد، وكان الزمان شتاءً، ونزل هو في مضربٍ صغيرٍ على دجلة، فأتاه ساتكين، فقال: أصلحَ الله الأمير، قد تكلَّم أهلُ العسكر وخاضُوا في كذا وكذا، وأنا رسولُهم إليك، فقال: وكلُّهم على مثل رأيك وقولك؟ قال: نعم، قال: دعني الليلة حتى أفكر، فلمَّا جنَّ عليه الليل دعا بزورقٍ، فركب مع خادمين له، وحمل معه شيئًا من المال، ولم يحمل معه سلاحًا، ولم يُعلِم أهلَ عسكره بذلك، والمعتزُّ خائف منه لا ينام إلا في السِّلاح، وقد بطل شُرب الشراب، ووصلَ بغا إلى الجسر ثلثَ الليل الأول، فصاحَ المتوكِّلون بالجسر: من في الزورق؟ وخرجَ بغا إلى البستان الخاقاني، فتبعَه بعضُهم، فقال: أنا بغا، ولحقه وليد المغربي، فقال له: ما لك؟ فقال: إمَّا أن تذهب بي إلى موسى بن صالح بن وصيف (٣)، وإمَّا أن تذهبوا معي حتى أُحسنَ بكم، فوكَّل به وليد، ومرَّ يركض نحو [الجوسق، فاستأذن] (٤)، فدخل على المعتزّ، فأخبرَه فقال: ائتني الساعة برأسه، فرجعَ الوليد، [وقال للموكَّلين] (٥) به: تنحَّوا عنه حتى أبلغَه الرسالة (٦)، فضربَه بالسيف على جبهته، فصرعَه، ثمَّ ذبَحه، وحملَ رأسَه إلى المعتزّ، فأعطاه عشرةَ آلاف دينار، وخلع عليه، ونصب الرأس بسامرَّاء، ثم بعث به إلى بغداد، ووثب المغاربةُ على


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري، ومكانها في (ف) بياض. وفي (خ): ومئة ألف أخذها.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٣٧٩، ومكانها في (خ) و (ف) بياض.
(٣) كذا في (خ) و (ف). وفي تاريخ الطبري ٩/ ٣٨٠، والكامل ٧/ ١٨٧: إلى منزل صالح بن وصيف.
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري، ومكانها في (خ) و (ف) بياض.
(٥) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري، ومكانها في (خ) و (ف): وكان الموكلون.
(٦) من قوله: وكان باكباك التركي عدوًا لبغا. . . إلى هنا ليس في (ب).