للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفي

[الجاحظ]

واسمه عمرو بن بحر بن محبوب، أبو عثمان البصري، من كبار المعتزلة، وأحد شيوخهم، ولد سنة خمس وخمسين ومئة.

قال جدِّي في "المنتظم": وكان جدُّه أسود، وكان هو من متكلِّمي المعتزلة، وهو تلميذ أبي إسحاق النظَّام، قال: والناس يَعمونَ (١) بتصانيفه زائدًا في الحدّ، وليس الأمر كذلك، بل له جيِّدٌ ورديء.

قلت: هذا صورةُ ما ذكر له جدِّي، ولم يذكر شيئًا من مصنَّفاته، ولا حكى بعض مقالاته، فأقول:

أمَّا مصنفاتُه فثلاثُ مئةٍ وستُّون مصنَّفًا، ووقعتُ على أكثرها في مشهد الإمام أبي حنيفة ببغداد، منها كتاب الحيوان، وهو كتابٌ كثيرُ الحشو، قليلُ الفائدة، وذكر فيه أن الذي يحيض من الحيوانات أربع؛ المرأة، والأرنب، والضبع، والخفاش (٢).

وكان الجاحظُ في أيَّام المعتصم والمتوكِّل، وانفردَ عن أصحابه بمسائل، منها قوله: إنَّ المعارفَ كلَّها ضرورية، وليس شيءٌ من ذلك من أفعال العباد.

و: ليس للعبادِ [كسبٌ] (٣) سوى الإرادة.

ومنها: إن أهل النار لا يخلَّدون، وإنَّما يصيرون إلى طبيعةٍ ناريَّة.

ومذهبه مذهبُ الفلاسفة في نفي الصِّفات ونحو ذلك.

ذكرُ طرفٍ من أخباره:

ذكر له الخطيب حكايةً بإسناده إلى يَمُوت بن المُزَرِّع قال: قال لنا الجاحظ: ما غلبني إلَّا رجلٌ وامرأة؛ فأمَّا الرجلُ، فإنِّي كنتُ مجتازًا ببعض الطرق، فإذا برجلٍ قصيرٍ بطين، كبير الهامة، طويل اللحية، متَّزرٍ بمئزرٍ، وبيده مشطٌ يسقي به شقَّهُ، ويمشطها بيده (٤)،


(١) في المنتظم ١٢/ ٩٤: يعجبون.
(٢) انظر كتاب الحيوان ٣/ ٥٢٩.
(٣) ما بين حاصرتين من الملل والنحل ١/ ٧٥.
(٤) في تاريخ بغداد ١٤/ ١٢٨، والمنتظم ١٢/ ٩٤: به.