للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهرب، فرماه بعضهم بسهم، ولفحه بالسيف، ثم حُمِل إلى أحمد بن خاقان، فأركبوه بغلًا، وجعلوا خلفَه سائسًا، وحملوه إلى دار أحمد، وجعلُوا يوقعون به الفعل في رأسه ووجهه (١)، وسألُوه عن ثمن ما باع من القصر الجعفريّ من المتاع وأواني الذهب والفضة -وكان باعَ الجميع لمَّا ولي- فأقرَّ لهم بستِّ مئة ألف دينار مودعةٍ ببغداد، أودعها الكرخي، وأخذوا خطَّه إلى خَشَف الواضحية المغنية بستِّ مئة ألف دينار، ودفعوه إلى رجلٍ، فعصرَ على خصيتيه حتى مات (٢).

وقيل: لمَّا أخرجُوه من الدار كان به طعنةٌ في خاصرته فحملوه على برذون أعجف في قميص وسراويل (٣).

وقيل: لمَّا صاروا به إلى دار أحمد بن خاقان أرادوه على الخلع، فأبى، واستسلم للقتل وكان قد كتب بيده رقعةً لموسى وباكباك ومُفْلح وجماعةٍ من القوَّاد أنَّه لا يغدرُ بهم، ولا يغتالهم، ولا يواطئُ عليهم بقتلٍ ولا غيره، وأنَّه متى فعلَ ذلك فيهم، فيحلُّ من بيعته، والأمر إليهم يولُّون من أرادوا، فلمَّا قتل باكباك، وفعل ما فعل، استحلُّوا بذلك نقضَ أمره، فخلعُوه وقتلوه (٤)، وبايعوا أحمد بن المتوكل، ولقَّبوه المعتمدَ على الله (٥).

الباب الخامس عشر في خلافة المعتمد (٦)

[واسمه] أحمد بن جعفر المتوكل، ويكنى أبا العباس، وقيل: أبا جعفر، وأمُّه روميَّةٌ اسمها فِتْيان.

ولد بسرَّ من رأى في أوَّل المحرَّم سنة تسعٍ وعشرين ومئتين، ولم تُدرِك أمُّه خلافتَه، وكان أسمرَ أعين، صغيرَ اللحية، خفيفَ الجسم، جميلًا، بوجهه أثرُ جدريّ (٧).


(١) في تاريخ الطبري ٩/ ٤٥٨: فجعلوا يصفعونه ويبزقون في وجهه.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ٤٥٨.
(٣) انظر تاريخ الطبري ٩/ ٤٦٧.
(٤) انظر تاريخ الطبري ٩/ ٤٦٢.
(٥) انظر تاريخ الطبري ٩/ ٤٦٧ - ٤٦٨.
(٦) في (ب): ذكر خلافة المعتمد.
(٧) انظر تاريخ بغداد ٥/ ٩٨ - ٩٩، والمنتظم ١٢/ ١٠٣، وليس فيهما أن بوجهه أثر جدري. وسلف في ترجمة لمستعين بالله أنه كان موصوفًا بذلك. والله أعلم.