للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [قال ابنُ عساكر:] بنى بدمشقَ خانًا بالخوَّاصين، وكتب على بابه: مئةُ سنةٍ وسنةٍ، فعاش بعد ذلك مئة يومٍ ويوم، [والله العالم بما في الغيب] (١).

[وفيها توفي]

أبو زُرْعَة الرَّازي

واسمه عُبيد (٢) الله بنُ عبد الكريم بنِ يزيد بنِ فَرُّوخ، مولى (٣) عيَّاشِ بن مُطَرِّف القُرشيُّ، وُلدَ سنة مئتين بالرَّيِّ، وكان إمامًا، حافظًا، مُتقنًا، صَدوقًا، [وكان] من كبار الحفاظ، وسادات أهل التَّقوى.

[وذكره الخطيب (٤) فقال: هو] أحدُ الأئمَّة المشهورين الرَّاحلين لطلب العلم، [وقال:] (٥) قدم بغدادَ غيرَ مرَّة، وحدَّث بها، وجالس الإمامَ أحمدَ بن حنبل رحمة الله عليه، وكان الإمامُ أحمد يحبُّه ويُثني عليه، ويقدِّم الجلوسَ معه على النَّوافل.

وقال عبدُ الله بنُ أحمد: لما ورد أبو زرعةَ بغداد نزل علينا، فقال لي أبي: يا عبد الله، قد اعتَضْتُ بنوافلي مُذاكرةَ هذا الشَّيخ، وفي رواية: ما صلَّيتُ اليوم غيرَ الفرض، استأثرتُ بمذاكرته على نوافلي. وما جاوز الجسرَ أحفظُ منه.

وقال محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ وَارةَ: كنتُ عند إسحاقَ بن إبراهيم بنيسابور، فقال رجلٌ من أهل العراق: سمعتُ الإمامَ أحمدَ بنَ حنبل يقول: صحَّ من الحديث سبعُ مئة ألف حديثٍ وكسور، وهذا الفتى -يعني أبا زرعةَ- قد حفظ ستَّ مئة ألف حديث، فقيل للإمام أحمد: مِنْ أين لك هذا؟ فقال: ذاكَرْتُه الأبوابَ. قال البيهقيُّ: معنى قولِ أحمدَ أنَّه يحفظ ستَّ مئة ألف حديث؛ فإنَّما أراد ما صحَّ من الحديث وأقاويلِ الصَّحابة وفتاويهم، لا مجرَّدَ الأحاديثِ المرفوعة.


(١) ما بين معكوفين من (ب)، والخبر في "تاريخ دمشق" ٣/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) في النسخ: عبد. والمثبت من مصادر الترجمة الآتي ذِكرُها.

(٣) في (خ) و (ف): عبد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازي مولى … ، والمثبت وما بين معكوفين من (ب).
(٤) ما بين معكوفين من (ب)، ولم نقف على نص قول الخطيب في تاريخه.
(٥) في "تاريخ بغداد" ١٢/ ٣٣.