للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه أمُّه بَوْزنِه وَرِقًا فبرئ، وأقام الخبيث مدَّة مرض الموفَّق في إصلاح ما تشعَّثَ من مدينته.

وفي يوم السَّبت نصف جمادى الأولى شَخَصَ المعتمدُ من سُرَّ من رأى يريد اللَّحاق بابن طولون لأمرٍ تقرَّر بينهما.

وقال أبو جعفر أحمد (١) بن يوسف بن إبراهيم الكاتب: خرج أحمد بن طولون من مصر في آخر سنة ثمانٍ وستين ومئتين، وحمل معه ابنَه العبَّاس معتقلًا في قُبَّة، فأقام بدمشق، وخرج المعتمد من سُرَّ مَن رأى على وجه التنزُّه (٢)، وقصْدُه دمشق لاتِّفاقٍ جرى بينه وبين ابن طولون، وخرج مع المعتمد أخوه أبو عيسى، وإبراهيم بن المدبّر، وأحمد بن خاقان، وخطارمِش وغيرهم، فلمَّا بلغ الموفَّق وهو بالبصرة في مقابلة الزَّنجيِّ، كتب إلى إسحاق بن كُنْداج يقول له: قد عزم المعتمد على قصد ابن طولون، وإن دخل مصر تغلَّب على دار السُّلطان، ومتى استولى ابن طولون على المعتمد لم يبقَ منكم يا معاشر الموالي اثنين، فاجتهد في ردِّه.

وكان ابن كنداج في نَصِيبين في أربعة آلاف فارس، فصار إلى المَوْصِل، فوجد حرَّاقات (٣) المعتمد وحشَمَه بموضع يقال له: الدَّواليب، فوكَّل بهم هناك وسار، فلقي المعتمد بين المَوْصل والحَديثة (٤)، فخرج إليه نحرير الخادم، فسلَّم عليه واستأذن، فأذن له، فدخل إسحاق ومعه ابنُه محمد وجماعة يسيرة، فسلَّم على المعتمد، ووقف بين يديه، فقال له: يا إسحاق (٥)، لِمَ منعتَ الحشَم من الدُّخول إلى الموصل؟ وكان بين يدي الخليفة أحمد بن خاقان، وخطارمش، وتينك (٦)، فقال:

يا أمير المؤمنين، أخوك في وجه العدوّ، وأنت تخرج من مُستقرِّك ومدينةِ آبائك


(١) في (خ) و (ف): محمد. والمثبت من "تاريخ الإسلام" ٦/ ٢٥٢.
(٢) في (خ) و (ف): الميرة. والمثبت من "تاريخ الإسلام".
(٣) الحرَّاقات: سفن فيها مرامي النيران. "اللسان": (حرق).
(٤) في (خ) و (ف): المدينة، والمثبت من "تاريخ الإسلام" ٦/ ٢٥٢.
(٥) في (خ) و (ف): يا أبا إسحاق، والمثبت من "تاريخ الإسلام".
(٦) في "الكامل" ٧/ ٣٩٤: نيزك، والمثبت موافق لما في الطبري ٩/ ٦٢٠.