للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسك، فقال: يا رب، أخطأت، ما أعود، قاله أبو بكر الوراق (١).

والخامس: أنه كان يدعو على العصاة ويقول: لا تغفر خطأ الخاطئين. فابتلاه، فلما وقع في الذنب أوحى الله إليه أتحب أن أغفر لك؟ قاله مقاتل بن حيان. وكان يقول بعدُ: إلهي، ارحم العُصَاةَ وارحم داود معهم.

والسادس: كان إذا دخل المحراب لبس أفخر الثياب وتزيَّن بأحسن الزينة فلما ابتلاه الله صار يلبس خَلَق الثياب ويدخل منكسرًا، فأوحى الله إلى داود: يا داود، هكذا فكن، كنت تدخل عليَّ دخول الملوك على عبيدهم، والآن تدخل عليَّ دخول العبيد على ملوكهم، أما علمتَ أن خزائني مملوءة من العبادات، فعليك بالذل والانكسار، قاله سهل بن عبد الله التُّستَري.

قال الله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾ [ص: ٢١] قال علماء السير: فلما كان اليوم الذي وعده الله أن يبتليَه فيه دخل محرابه وأغلق أبوابه وأقام الحرس الذي ذكرناهم يحرسونه فأحدقوا بالمحراب، وقال: لا يدخلنَّ عليَّ أحد، وشرع في قراءة الزبور والصلاة، وكان في محرابه كوَّة، فرفع رأسه من سجوده وإذا في الكوَّة حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن، فدخلت من الكوة ووقعت بين يديه، فمدَّ إليها يده فطارت من الكوَّة، فاطلع ينظر أين وقعت وإذا بامرأة تغتسل في بستان إلى جانب بركة، فحار في حسنها، وقال الكلبي: إنما تمثل له الشيطان في تلك الحمامة، وقال مقاتل: حانت منها التفاتة فرأت داود فتجلَّلت بشعرها فغطَّت به بدنها فازداد بها إعجابًا (٢).

وذكر الشيخ الموفَّق في "التوابين" عن قتادة عن الحسن: أنه وقع بين يديه طائر جسده من ذهب وجناحاه من ديباج مكلَّل بالدُّرِّ ومنقاره من زبرجد وقوائمه من


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٨٣.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٨٢، قال ابن كثير في البداية والنهاية ٢/ ٣٠٩ (هجر)، وفي تفسيره: وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والحلف ههنا قصصًا وأخبارًا أكثرها إسرائيليات، منها ما هو مكذوب لا محالة، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه.