للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموفَّق إسحاقَ بن كنداج المغرب كلَّه، والعراقَ وشرطتَه، وما كان بيدِ أحمد بن طولون، وقرئ كتاب بمكة بلَعْنَةِ ابنِ طولون، وأقام إسحاق بسامرَّاء بأمر الموفَّق هذه السَّنة.

وفيها عبر الموفَّق إلى الخبيث، وأحرق قطعةً من البلد، وجرح أنكلاي بن الخبيث صاحب آمد وديار بكر.

قال الطَّبريُّ (١): وفيها صار جعفر المفوَّض إلى جامع سُرَّ من رأى يوم الجمعة، ولعنَ ابنَ طولون على المنبر، وعقد لإسحاق بن كنداج من باب الشَّمَّاسِيّة إلى إفريقية (٢)، وعقد لصاعد على شَهْرَزور، والجبال، وحُلْوان، وأعمال الفرات.

وفيها كانت بين الموفَّق والزَّنج وقعةٌ عظيمةٌ في شوَّال.

كان الخبيث مدَّة اشتغال الموفَّق بمرضه قد أعاد القنطرة الَّتي كانت قريبة من نهر أبي الخَصيب، وألبسها الحديد، وعمل دونها سكرًا بالحجارة يمنع دخول السُّفن إليه، فندب الموفَّق قائدَين في أربعة آلاف ليُجليا أصحابَ الخبيث عن القنطرة، وركب الموفَّق حتَّى وافى نهرَ أبي الخَصيب ليشغلهم عن المعاونة على القنطرة.

وخرج الزَّنج يقودهم أنكلاي بن الخبيث، وسُليمان بن جامع، وعلي بن أبان المهلَّبيّ، وقاتلوا عن القنطرة أشدَّ قتال؛ لعِلْمهم بما في قطعها من الضَّرر عليهم، ولم يزل القتال بينهم إلى العصر، وكره الموفَّق أن يهجم اللَّيل والجيشُ موغل في نهر أبي الخَصيب؛ فتتمكنَ الزَّنج من أذاهم، فرجع إلى الموفَّقيَّة، وأحسن إلى المقاتِلة، وخلع عليهم.

ولمَّا رأى الخبيث أن الموفَّق قد ضيَّق عليه تحوَّل إلى مكان آخر، وانقطعت عنه المِيرة، وضَعُف أمرُه، وقلَّ عنده الشَّيء، حتَّى كان الرَّجل منهم إذا خلا بامرأة أو صبيِّ ذبحه وأكله، ثمَّ كان مَنْ قوي من الزَّنْج بعضُهم على بعض ذبحه وأكله، وكان الخبيث لا يعاقب مَن يفعل ذلك إلَّا بالحبس، ثمَّ يُطلقه.


(١) في تاريخه ٩/ ٦٢٧ - ٦٢٨.
(٢) من هنا إلى ترجمة عيسى بن الشليل ليس في (ب).