للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها نزلت الرُّوم طَرَسوس في مئة ألف، [وعليهم بِطْرِيق يقال له: أندرياس، وكان بطَرَسوس يازمان الخادم، فبيَّتهم ليلًا] وقَتل البطريقَ وسبعين ألفًا معه، وأَخذ منهم صُلبانَ الذَّهب منها صليب الصَّلَبوت، وعليه جواهرُ لا قيمةَ لها، وأَخذ منهم مئتي كرسيٍّ من الذَّهب والفضَّة مرصَّعة بالجواهر، ومن الخيام والسِّلاح ما لا يُحصى، وكذا من الخيل، لم يفلتْ منهم إلَّا القليل، وذلك في ربيع الأوَّل.

وحجَّ بالنَّاس هارون بن محمد الهاشميّ (١).

[فصل] وفيها توفي

[أحمد بن طولون]

أبو العبَّاس، التُّركي، وطولون مولى نوح بن أسد عامل بخارى وخراسان.

أهداه نوح إلى المأمون في سنة مئتين، ووُلد له أحمد في سنة عشرين ومئتين، وقيل: في سنة أربع عشرة، والأوَّل أصحّ، ببغداد، وقيل: بسُرَّ من رأى، من جارية يقال لها: هاشم، وقيل: قاسم. وقيل: إنَّ أحمد لم يكن ابنَ طولون وإنَّما تبنَّاه.

وذكر أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحُميدي [ما يدلّ عليه:] قال بعض المصريِّين (٢): إنَّ طولون تبنَّاه ولم يكن ابنَه، وإنَّه رأى فيه مَخايل النَّجابة.

ودخل عليه يومًا [وهو صغير] فقال: بالباب قوم ضُعَفاء، فلو كتبتَ لهم بشيء، فقال [له طولون:] ادخل إلى المقصورة وائتني بدواة وبيضاء، فدخل أحمد، فرأى في الدِّهليز حَظِيَّة من حظاياه قد خلا بها خادم، فأخذ الدَّواة وخرج ولم يتكلَّم، فخَشيت الجاريةُ أن يسبقها إلى طولون بالقول، فجاءت إلى طولون وقالت: إنَّ أحمد راودني السَّاعةَ في الدّهليز، فصدَّقها، وكتب كتابًا إلى بعض خَدَمِه يأمره بقتل حامل الكتاب من غير مشورة، وقال لأحمد: اذهب بهذا الكتاب إلى فلان، فأخذ الكتاب، ومرَّ على الجارية [بالكتاب]، فقالت له: إلى أين؟ فقال: في حاجةٍ مُهمَّةٍ للأمير [ولا يعلم ما]


(١) "تاريخ الطبري" ٩/ ٦٦٦، و"المنتظم" ١٢/ ٢٢٩.
(٢) في (خ) و (ف): فقال أبو عبد الله نصر بن محمد الحميدي: قال بعض … ، والمثبت من (ب).