للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنِّساء والصِّبيان، وظفروا بعيال عليِّ بن أبان المُهَلَّبيّ وأخويه الخليلِ ومحمدٍ ابنَي أبان وسليمان بنِ جامع وأولادهم، وعُبر بهم إلى الموفَّقية.

ومضى الخبيث هاربًا ومعه ابنه أنكلاي والمهلّبيّ وسليمان بن جامع وغيرهم إلى النَّهر المعروف بالسُّفيانيّ، وكان الخبيث قد أعدَّ فيه موضعًا ليهرب إليه إذا غُلب على مدينته، ولمَّا رآهم لؤلؤ قد اقتحموا النَّهر اقتحم خلفَهم، فانهزموا في نهرٍ يعرف بالسَّامان (١) فاعتصموا بجبلٍ وراءه، فأرسل الموفَّق إلى لؤلؤ يأمره بالانصراف عنهم خوفًا عليه، فرجع، فشكره الموفَّق، وحمله على الشَّذا معه، ورفع منزلته، وأكرمه حيث باشر قتال العدوِّ بنفسه، وأيقن النَّاسُ بالفتح لمَّا هرب الخبيث من مدينته واستولى عليها المسلمون.

ثمَّ أقام أبو أحمد بمدينته أيَّامًا لإصلاح السُّفُن وما تحتاج إليه، ثمَّ أمر ولده أبا العبَّاس أن يتقدَّمه إلى موضع يُعرف بعَسْكر رَيحان بين النَّهر المعروف بالسُّفياني والنَّهر الذي لجأ إليه الخبيث، وبثَّ القوَّاد في المكان الذي فيه الخبيث، ثمَّ عبر الموفَّق يوم السَّبت لليلتين خلتا من صفر من هذه السَّنة، فوافى نهرَ أبي الخَصيب.

وكان الخبيث لمَّا عبر الموفَّق إلى مدينته عاد هو وأصحابُه إلى مدينتهم ليصلحوا ما تشعَّث منها، وجاءت مقدّمات الموفَّق، فلمَّا وصلوا إلى المدينة لم يعلموا أنهم قد رجعوا إليها، فأوقعوا بهم، فانهزم الخبيث وأصحابُه، وتبعهم أصحابُ الموفَّق يَقتُلون ويَأسرون، وانقطع الخبيثُ في جماعة من قوَّاده وجماعةٍ من الزَّنْج، وفارقه ابنُه أنكلاي وسليمان بن جامع.

وظفر أبو العبَّاس بسليمان بن جامع، فجاء به إلى الموفَّق من غير عهدٍ ولا عقد، فارتفع الضَّجيج، وكبَّر الناس، وأيقنوا بالفتح؛ لأنَّ سليمان كان أكبرَ أصحابه مدافعةً عنه، ثم أسر خواصَّ أصحابه، فبعث بهم الموفَّق إلى الموفقيَّة، ثم شدَّ الخبيثُ وغلمانُه فأزالوا النَّاسَ عن مواقعهم، فحمل عليه الموفَّقُ والنَّاس، فانهزموا، وتبعهم إلى آخر نهر أبي الخَصيب، فبينا الموفَّق واقف والقتال يعمل إذ أتاه فارس مع أصحاب لؤلؤ يَركض ورأسُ الخبيث في يده، فلم يصدِّق الموفَّق، فعرضه على جماعة من


(١) في "تاريخ الطبري" ٩/ ٦٥٧: يُعرف بالمساون.