للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَهْدي به مَيتًا كأحسنِ نائمٍ … والدَّمعُ يَنْحرُ مُقلَتي في نَحْرهِ

غُصَصٌ تكاد تَفيضُ منها نَفْسُه … ويكاد يَخرجُ قَلبُه من صَدْرهِ (١)

[أبو أحمد طلحة]

وقيل: محمد بن جعفر المتوكِّل، الملقَّب بالموفَّق، ولقِّب بعد قتل الزَّنجي بالنَّاصر لدين الله، فكان يُخطب له على المنابر بلقَبَين، فيقال: اللَّهمَّ وأصلح الأمير النَّاصر لدينك أبا أحمد الموفَّق بالله، وليَّ عهد المسلمين، أخا أمير المؤمنين. وأمُّه أمُّ ولد، يقال لها: إسحاق.

كان من أَجَلِّ الملوك رأيًا، وأَسْمَحِهم نَفْسًا، وأحسنهم تدبيرًا، عزيزَ العقل، جوادًا، سَمْحًا، وكان أخوه المعتمد قد جعله وليَّ عهده بعد ابنه جعفر المفوَّض، فمات الموفَّق قبل المعتمد وقبل جعفر، ولمَّا مات الموفَّق بايع المعتمد لأبي العبَّاس بعد جعفر، ولقبه المعتضد.

وقال أبو عبد الله الألوسي (٢): لمَّا صار جيش الدَّعيِّ الخبيث بالبصرة وجاء إلى النُّعمانية طُرحت في دار الموفَّق رقعة، فقرأها وفيها: [من الوافر]

أرى نارًا تأجَّجُ من بعيدٍ … لها في كلِّ ناحية شُعاعُ

وقد نامتْ بنو العبَّاس عنها … فأضحتْ وهي غافِلةٌ رَتاعُ

كما نامت أميَّةُ ثم هبَّتْ … لتدفعَ حين ليس لها دِفاعُ

فأمر الموفَّق من ساعته بالرَّحيل إلى قتال الزَّنج.

ومراد الشَّاعر قولُ نَصْر بن سيَّار:

أرى تحت الرَّمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ (٣)


(١) "الأغاني" ١٤/ ٥٧، و"تاريخ دمشق" ٤٢/ ٢٤٢، و"وفيات الأعيان" ٣/ ١٨٦، و "تاريخ الإسلام" ٥/ ٨٦٦ - ٨٦٧ وذكره في وفيات سنة (٢٣٥) أو (٢٣٦).
(٢) في (خ) و (ف): الأموسي. والمثبت من "تاريخ دمشق" ٦١/ ٢٢٦، وينظر ما سلف في "تاريخ بغداد" ٢/ ٤٩٣ - ٤٩٥.
(٣) عجزه: وأخلَقَ أن يكون له ضِرام، انظر "أنساب الأشراف" ٣/ ١٤٩، و"الأغاني"٧/ ٥٦، و"تاريخ دمشق" ٦١/ ٢٢٦.