للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبدرٌ الذي ولَّاه الشُّرطة كان أبوه خيرًا من موالي الموفَّق، وكان بدر يخدم الموفَّق ويحمل له العبَّاسية، فنقلتْه السَّعادة إلى أن صار عبارةً عن المعتضد.

ثمَّ بنى المعتضد قصرَه المعروف بالثُّريَّا وهو دار الخلافة، وفيه التَّاج، وكان قصر الحسن بن سهل [فجعله] المعتضد [دار الخلافة، وهو] أوَّل من سكنه من الخلفاء، وغَرِم على عمارته أربع مئة ألف دينار، وقيل: إنَّما جدَّده في السَّنة الآتية، وإنَّ قصر الثُّريا غيرُه.

وفيها قدمت عليه الهدايا، وأطاعه الخوارج، فقدم عليه في شعبان رسولُ عمرو بن اللَّيث الصَّفَّار بهدايا، وسأله ولايته على خراسان، فأجابه، فبعث إليه المعتضد بالعهد والخِلَع واللِّواء مع عيسى النُّوشري، فوصل إليه في رمضان.

وفيها قدم الحسين بن عبد الله المعروف بابن الجَصَّاص رسولًا من خمارويه [بن أحمد بن طولون إلى المعتضد] بهدية من الذَّهب العين: عشرين حِملًا على بغال، وخدم وصناديقَ وخيول بأطواق الذَّهب والفضَّة، وجواهر وبغال سروجيَّة، وزرافة، وذلك في شوال، فوصل إلى المعتضد وخلع عليه، وسَفَر ابنُ الجصَّاص في تزويج ابنة خُمارويه من عليِّ بن المعتضد وهو المكتفي، فقال المعتضد: إنَّما قصد أبو الجيش أن يتشرَّف بنا، ونحن نَزيده شَرَفًا، أنا أتزوَّجها، فتزوَّجها، وولي أمرها ابن الجصَّاص.

[فصل:] وفيها فتح أحمد بن عيسى بن الشَّيخ قَلْعة ماردين، وكانت بيد محمد بن إسحاق بن كُنداج.

وفيها صلَّى المعتضد بالنَّاس صلاة الأضحى قريبًا من القصر الحسنيِّ، فكبَّر في الأولى ستَّ تكبيرات، وفي الثَّانية واحدة، ولم يُسمَع منه خطبة.

وحجَّ بالنَّاس هارون بن محمد الهاشميّ، وهي آخر حجَّة حجَّها بالنَّاس، وكان [هارون] قد حجَّ بهم ستَّ عشرة حجَّة، أوَّلها [من] سنة أربع وستين ومئتين إلى هذه السَّنة (١).

وفيها توفي


(١) "تاريخ الطبري"١٠/ ٣٠ - ٣١، و"الكامل" ٧/ ٤٥٣ - ٤٦٠.