للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه على تمرة، ثمَّ ناول من حضر تمرةً تمرة، ثمَّ قال: حدَّثني أبي، حدَّثني أحمد بن حنبل، عن عبد الرَّزَّاق، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس: أنَّ النبيَّ كان يفطر قبل أن يصلِّي على رُطَبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد تمراتٍ حَسَا حَسَوات من ماء (١).

ثمَّ قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حَنْبل يقول: حدَّثنا عبد الرزَّاق، عن معمر، عن وَهْب بن مُنبِّه قال: إنَّ الصَّائم يَزيغ بصرُه، فإذا أفطر على الحلاوة رجع إليه بصَرُه.

قال أحمد بن يزيد المُهَلَّبي: كنَّا ليلةً بين يدي المعتمد، وكان [مع سماحة (٢) أخلاقه وكثرة جوده] كثيرَ العَرْبَدة على نُدمائه إذا سكر، فاشتهى أن يصطبح على أُترجّ، فاتَّخذ منه شيئًا كثيرًا مُفرِطًا، فاصطبح عليه، ولم يدع شيئًا من الخِلَع والصّلات إلَّا وعمله مع نُدمائه ذلك اليوم، وخصَّني منه بالكثير، وكان كثيرَ الشُّرب، وكانت عَلامتُه إذا أراد أن ينهض جلساؤه التفت إلى سرير لطيف، ويُسبِل رجليه عليه كأنَّه يريد أن يَصعده، فنقوم.

فلمَّا قام ذلك اليوم مدَّ رجله إلى السرير في أوَّل اللَّيل، فانصرفتُ إلى حُجرةٍ كانت مرسومةً لي، فلمَّا انتصف الليل دعاني بخادم، فأتيتُ مُسرعًا، فقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: مضى يومُنا على نهاية السُّرور، وسَلِمنا من عَربدته، فقد عنَّ له أن يُعَرْبد عليَّ، فقد استدعاني في هذا الوقت.

فأتيتُه وأنا في نهاية الجَزَع، فلمَّا رآني لم يستَجْلِسْني، وقال لخادمه: عليَّ بصاحب الشُّرطة، فقلتُ في نفسي: لم تَجْرِ عادته في العَرْبَدة بصاحب الشرطة، وما هذا إلَّا لبليَّةٍ احتيل بها عليَّ عنده.

فأقبلتُ أنظر إليه طَمعًا أن يُفاتحني بكَلمةٍ، فأرفق به في الجواب، وهو لا يرفع رأسه من الأرض، إلى أن جاء صاحب الشرطة، فرفع رأسه إليه وقال: في حبسك رجل يُعرف بمنصور الجمَّال؟ قال: نعم، قال: أحضِرْنيه الساعة، فمضى ليحضره، وسَهل


(١) أخرجه أحمد (١٢٦٧٦)، وأبو داود (٢٣٥٦)، والترمذي (٦٩٦).
(٢) في (ب): وحكى القاضي التنوخي بإسناده: كان المعتمد مع سماحة، والمثبت من (خ). والخبر في "الفرج بعد الشدة" ٢/ ٢٤٣.