للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ سار المعتضد إلى المَوصل، وخرج إلى ماردين وبها حمدان بن حمدون، فلمَّا قرب منه المعتضد هرب من القلعة، وخلَّف فيها ابنَه، فنزل المعتضد، ودنا من باب القلعة، وصاح بنفسه: يا ابن حمدان، فأجابه، فقال: افتح الباب، فقال: نعم، ففتحه، وقعد المعتضد على الباب، ونقل ما فيها من المال والأثاث، ثمَّ أمر بهدمها فهُدمت، ووجَّه خلف حمدان، فطُلب أشدَّ الطلب، وأُخذت الأموال كانت له مُودعة، ثمَّ ظفر به بعد ذلك فحبسه.

ثمَّ مضى المعتضد إلى مدينة يقال لها: الحسنيَّة، وبها رجل كرديٌّ يقال له: شدَّاد، في عشرة آلاف مقاتل، وكان له في المدينة قلعة يتحصَّن بها، وما زال المعتضد يُحاصره ويقاتله حتَّى ظفر به، وهدم قلعته (١).

وفي رمضان هدم المعتضد دار النَّدوة بمكَّة، وجعلها مسجدًا إلى جانب المسجد الحرام، وغَرِم عليها أموالًا كثيرة.

وحجَّ بالنَّاس محمد بن عبد الله بن ترنجة (٢).

وفيها توفي

ابن أبي الدُّنيا

واسمُه عبد الله بن محمد بن عُبيد بن سفيان بن قيس، أبو بكر، القُرشي، البغداديُّ، مولى بني أميَّة.

ولد [في سنة] ثمانٍ ومئتين، وكان مؤدِّبًا لجماعة من أولاد الخلفاء منهم المعتضد وابنه عليّ المكتفي.

وكان إمامًا، عالمًا، فاضلًا، زاهدًا، عابدًا، ورعًا، ثقةً، ذا مروءة تامَّة، ونيَّة صادقة، وله التصانيف الحسان، وبورك له فيها، والنَّاس بعده عيالٌ عليه في الفنون الَّتي جمعها (٣).


(١) من قوله: ولليلتين خلتا من رجب شخص .. إلى هنا ليست في (ب).
(٢) كذا يورده المصنف: محمد بن عبد الله بن ترنجة، وقد سلف احمه قريبًا، والذي في الطبري ١٠/ ٣٥، والمنتظم ١٢/ ٣٤٠، والكامل ٧/ ٤٦٥ أنَّه محمد بن هارون بن إسحاق.
(٣) بعدها في (ب): وقد فرق جدي معظمها في كتبه.