للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غضبان، ومتى لم أميِّز بين هذين هلكتُ، قال: صدقتَ، ولكن تَلْزَمُنا. قلت: [لزوم] (١) الغَرَض الواجب، فوصلني بعشرة آلاف درهم.

[ذكر طرف من أخباره:

قال الخطيب (٢) بإسناده إلى أحمد بن القاضي، عن أبي العيناء أنَّه حدَّثه قال: أتيتُ عبد الله بن داود الخُرَيبي، قال: ما جاء بك؟ قلت: الحديث، قال: اذهب فاحفظ القرآن، قلت: قد حفظتُه، قال: اقرأ ﴿وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ نُوحٍ﴾ [يونس: ٧١] فقرأتُ العَشْر حتَّى أنفدته، قال: اذهب الآن فتعلَّم الفرائض، قال: فقلت: قد تعلَّمتُ الصُّلب والجدَّ، قال: فأيّما أقرب إليك ابن أخيك أو ابن عمِّك؟ قال: فقلت: ابن أخي، قال: ولِمَ؟ قلت. لأن أخي من أبي، وعمِّي من جدِّي. قال: اذهب فتعلَّم العربية، فقلت: قد تعلّمتها قبل هذين، قال: فلم قال عمر بن الخطاب حين طُعن: يالله يالِلمسلمين، لِم فَتَح لام الله، وكَسَر لام المسلمين؟ قال: قلت: فتح الأوَّل على الدُّعاء، وكسر الثانية على الاستعانة والاستنصار. قال: اذهب، لو حدَّثتُ أحدًا لحدَّثتُك].

وقيل: إنَّ المتوكِّل قال: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنَّه ضرير، فقال أبو العيناء: إنْ أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة، وقراءة نَقْشِ الخواتيم، فإنِّي أصلحُ.

وكان يقول: لَحِقَتْنا دعوة الرَّجل الصَّالح عبد الله بن حسن بن حسن، دعا المنصور جدّي خَلّادًا وكان مولاه، فقال له: إنِّي أريدك لأمر قد أهمَّني واخترتُك له، وأنت عندي كما قال أبو ذؤيب الهذلي: [من المتقارب]

أَلِكْني إليها وخيرُ الرسو … لِ أعلَمُهمْ بنَواحي الخَبَرْ (٣)

فقال: أرجو أن أبلُغَ رِضى أمير المؤمنين، قال: صِرْ إلى المدينة، وأظهر لعبد الله بن حسن أنَّك من شيعته، وابذُلْ له الأموال، واكتب إليَّ بأنفاسه وأخبار ولدِه، فأرضاه، ثمَّ علم عبد الله أنَّه أُتي من قِبَله، فدعى عليه وعلى نسْله بالعمى، [قال:] فنحن نتَوارث ذلك إلى السَّاعة.


(١) ما بين معكوفين زيادة من المنتظم ١٢/ ٣٥٤. وهذا الخبر ليس في (م ١).
(٢) في تاريخه ٤/ ٢٨٧.
(٣) تاريخ بغداد ٤/ ٢٨٥ - ٢٨٦، والمنتظم ١٢/ ٣٥٤، والبيت أيضًا في شرح أشعار الهذليين ١/ ١١٣، ومعنى ألكني إليها: أي: كن رسولي إليها. الصحاح (لوك).