للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجائع، ويكسو العاري، ويؤوي الغريب، ويجبر المكسور، ويرحم المصاب، فذلك الذي يضيء نوره في الناس كالشمس، إن دعاني أجبته، كان سألني أعطيته، أكلؤه بقوَّتي وأحفظه بمنتي (١)، وأوكل به ملائكتي.

[فصل في السجدة]

وسجدة "ص" سجدةُ تلاوةٍ، وبه قال الحسن والثوري ومالك وأبو حنيفة.

وقال الشافعي: هي سجدة شكر. وعن أحمد كالمذهبين.

وثمرة الخلاف: لو تلاها في الصلاة وغيرها سجدها عندنا، وعندهم لا يسجد، واحتجوا بما روى النسائي عن ابن عباس أن النبي سجد في "صَ" وقال: "سَجَدَها دَاودُ توبة ونَسجُدُها شُكرًا" (٢).

وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: قرأ رسول الله يوم الجمعة على المنبر سورة "ص" فنزل وسجد، فسجد الناس معه، فلما كان في الجمعة الثانية قرأها فتشزَّن الناس للسجود، فقال رسول الله : "إنَّما هِيَ تَوبةُ نَبيٍّ ولَكن رأيتكم تشزَّنتم للسجود فسجدت" (٣). ومعنى تشزَّن أي: تهيَّأ وانتصب.

وأما قوله تعالى: ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا﴾ [ص: ٢٤] أي: ساجدًا.

وأما سجود النبي فحجة لنا، وقوله: "ونحن نسجدها شكرًا" لا يدلُّ على أنها لا تجب، لأنها سبب وجوب الإنعام على داود ولنا به أسوة. وقوله : "رأيتكم تشزنتم فسجدت" يدل على الوجوب إذ لو لم تكن واجبةً لما سجد.

[فصل في طاعون وقع في زمان داود]

قرأت على شيخنا الموفق المقدسي قال: حدثنا أحمد بن المبارك بإسناده


(١) في "ب": بمشيئتي.
(٢) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (١٠٢٩).
(٣) أبو داود (١٤١٠).