للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَيش بن خُمارويه

ابن أحمد بن طولون.

ولي إمرة دمشق بعد موت أبيه مدَّةً يسيرة، ثمَّ خرج إلى مصر في هذه السَّنة، واستخلف على دمشق طُغْج بن جُفّ، فلمَّا دخل مصر لم يرضَ أهلُها، وقالوا: نريد عمَّك أبا العشائر بن أحمد، فوثب هارون بن خُمارويه على أخيه جَيش فقتله في جمادى الأولى (١)، وكانت ولايته خمسة أشهر، واستولى هارون على مصر.

قال ربيعة بن أحمد بن طولون: لمَّا قُتل أخي خمارويه ودخل ابنه جيش مصر قبض عليَّ وعلى عمَّيه مضر وشيبان (٢) ابني أحمد، وحبسنا في حجرة معه بالميدان، وكان كلّ يوم يأتينا بمائدة عليها طعام، فكنَّا نجتمع عليها، فجاءنا يومًا خادم، فأخذ أخانا مُضَر، فأدخله بيتًا، فأقام خمسة أيام لا يَطعَم ولا يَشْرَب، مقفول عليه بقفل، فدخل علينا ثلاثةٌ من أصحاب جيش وقالوا: أين أخوكم؟ قلنا: لا ندري، فدخلوا عليه البيت، فضربه واحدٌ منهم بسَهم في مقتله فقتلوه، وغلَّقوا علينا الباب، وبقينا يوم الجمعة والسبت لم يقدّموا إلينا طعامًا، فظننا أنَّهم نسونا، فلمَّا كان يوم الأحد سمعنا [صارخة في الدار] (٣)، وفتح علينا الباب، وأُدخل إلينا جَيش بن خُمارويه، فقلنا: ما حالك؛ فقال: غلبني أخي هارون، وتولَّى الإمارة، فقلنا: الحمد لله الَّذي قبض يدكَ وأضرع خدَّك، فقال: ما كان عَزْمي إلا أن أُلحقكما بأخيكما.

ودخل خادم ومعه مائدة من الطَّعام وقال: إنَّ الأمير هارون قد بعث إليكما بهذه المائدة، وكان في عزم جيش أن يُلحقكما بأخيكما، فقوما إليه فاقتلاه، وخذا بثأركما منه، وانصَرِفا على أمان، قال: فلم نقتله، وانصرفنا إلى منازلنا، وبعث هارون خدمًا فقتلوه، وكُفينا أمر عدوِّنا.

[فصل وفيها توفِّي]

[سهل بن عبد الله بن يونس]

أبو محمد، التُّسْتَري (٤).


(١) ينظر ما سلف ص ١٩٤ من خَبَر مقتله.
(٢) في (خ): نصر وسنان. والمثبت من تاريخ دمشق ٤/ ٥٥.
(٣) ما بين معكوفين زيادة من تاريخ دمشق.
(٤) تنظر ترجمته في طبقات الصوفية ٢٠٦ - ٢١١، وحلية الأولياء ١٠/ ١٨٩ - ٢١٢، والرسالة القشيرية ١٩٧، =