للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدم بعضُ إخوانه من سفرٍ، فتأخَّر عن السَّلام عليه، فكتب إليه يقول: [من الكامل]

يا مَن أُؤمِّلُ دونَ كلِّ كَريمِ … وتُحبُّ نفسي دون كلِّ حَميمِ

أخَّرتُ تَسليمي عليك كَراهةً … لزِحامِ مَن يَلقاك للتَّسليمِ

وذكرتُ قِسْمتَكَ التَّحفِّي بينهم … عند اللقاءِ كفعلِ كلِّ كريمِ (١)

فنَفَسْتُ ذاك عليهمُ وأرَدْتُه … من دونهم وَحْدي بغير قَسيمِ

فصبرتُ عنك إلى انْحِسارِ غِمارِهم … والقلبُ نَحوك دائمُ التَّحْويمِ

صَبْرَ امرئٍ يُعطي المودَّةَ حقَّها … لا صَبْرَ مَذْمومِ الحِفاظِ (٢) لَئيمِ

والسَّعْيُ نحوك بعد ذاك فَريضةٌ … وقَضاءُ حَقِّك واجبُ التَّقديمِ

وقال أبو عثمان النَّاجم: دخلتُ على ابن الروميّ وهو يموت، فقال لي: [من الوافر]

أبا عُثمانَ أنت حَميدُ (٣) قومِكْ … وجُودُكَ للعَشيرةِ دون لومِكْ

تزوَّدْ من أخيك فما أُرَاه … يَراك ولا تَراهُ بعد يَوْمِكْ

فلمَّا خرجتُ من عنده مات.

وكان موته في هذه السَّنة، وقيل: سنة أربع وثمانين ببغداد، ويقال: إنَّ الوزير القاسم بن عبيد الله سَمَّه في خُشْكنانه؛ لأنَّه هجاه.

وله: [من الطويل]

وحَبَّبَ أوطانَ الرِّجال إليهمُ … مآربُ قضَّاها الشَّبابُ (٤) هُنالكا

إذا ذَكَروا أوطانَهم ذكَّرَتْهمُ … عُهودَ الصِّبا فيها فحَنُّوا لذلِكا


(١) في (خ): حليم. والمثبت من الديوان ٦/ ٢٢٤٣، وتاريخ بغداد ١٣/ ٤٧٣. والتَّحفِّي: الكلام واللقاء الحسن. اللسان: (حفا).
(٢) في (خ): اللحاظ. والمثبت من المصادر السالفة.
(٣) كذا في (خ)، وتاريخ بغداد، والذي في الديوان ٥/ ١٨٨٩: عميد.
(٤) في (خ): ما أردت قضاها التصابي، والمثبت من الديوان ٥/ ١٨٢٦، والمنتظم ١٢/ ٣٦٦.