للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَمِ الهدى ومنارِه وسراجِه … مفتاحِ كلِّ عظيمةٍ لم تُفْتَحِ

بكَ أصلح الله البلادَ وأهلَها … بعد الفَساد وطال ما لم تصلحِ

[أعطاك ربُّك ما تحبُّ فأعطِهِ … ما قدْ يُحبُّ وجُدْ بعفوٍ واصْفَحِ]

يا بَهْجَةَ الدُّنيا وبَدْرَ مُلوكها … هَبْ ظالميَّ ومُفسِديَّ لمُصْلحِ

قال: فلمَّا قرأها المعتضد ضحك وقال: لقد نصحتْ لو قَبِل منها، وأمر أن يُحمل إليها خمسون ألف درهم، وخمسون تَخْتًا من الثياب، وأن يُحمل إلى محمَّد ابن أخيها مثل ذلك (١).

وقال ابن المعتزِّ يهنِّئ المعتضد بفتح آمد: [من الكامل]

اسْلَمْ أميرَ المؤمنين ودُمْ … في غِبْطَةٍ ولْيَهْنِكَ النَّصْرُ

فلَرُبَّ حادثةٍ نَهضْتَ لها … متقدِّمًا فتأخَّر الدَّهرُ

ليثٌ فرائسُه اللُّيوث فما … يَبْيَضُّ من دمها له ظُفْرُ (٢)

وأقام المعتضد بآمد بقيَّة جمادى الأولى، وثلاثةً وعشرين يومًا من جمادى الآخرة، ثمَّ ارتحل منها نحو الرَّقَّة (٣)، وأمَر بِهَدْم سور آمِد، فهُدم بعضه، وتعذَّر هدمُ الباقي لما يحتاج إليه من الغرامات، فتركه، وخلَّف بآمِد ابنه عليًّا في جيش كثيف، وضمَّ إليه ديار بكر وربيعة والعواصم والرَّقَّة.

ولما كان المعتضد بالرَّقَّة بعث إلى راغب مولى الموفَّق -وكان على طَرَسوس- يطلبه، فجاء إليه، فأقام في عسكره يومًا ثمَّ قبض عليه، واستأصله وحبسه، فمات بعد أيام، وعاد المعتضد إلى بغداد فدخلها لليلتين خلتا من شوال.

وفيها ورد رسول هارون بن خُمارويه يذكر أنّه قد نزل عن أعمال قِنَّسرين والعواصم، وأنَّه يحمل إلى الخليفة في كل سنة أربع مئة ألف دينار وخمسين ألف دينار، ويسأل تجديد الولاية له على الشَّام ومصر، فأجابه إلى ذلك (٤).


(١) المنتظم ١٢/ ٣٩٩ - ٤٠١.
(٢) ديوان ابن المعتز ١٩٦، والمنتظم ١٢/ ٣٩٨، وينظر أشعار أولاد الخلفاء ١٢٦.
(٣) في (ف) و (م ١): ثم ارتحل منها لتسع بقين منه نحو الرقة. وفي الطبري ١٢/ ٧١: ثمَّ ارتحل منها يوم السبت لسبع بقين منها نحو الرقة والمثبت من (خ).
(٤) من قوله: وخلف بآمد ابنه عليًّا. .. إلى هنا ليست في (ف) و (م ١).