للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، ويتصدَّق بالباقي، ويختم القرآن كلَّ يوم وليلة خَتمة، ولقي ستَّ مئة (١) شيخ، وكتب الحديث الكثير.

وكانت له كرامات، قال: كنتُ بمكة، فسألت الله أن يُدخل قلبي المعرفة، وإمَّا أن يقبضني [إليه] فلا حاجةَ لي في الحياة بغير معرفة، فرأيت في المنام قائلًا يقول: صم شهرًا، ولا تكلم أحدًا من النَّاس في الشهر، ثمَّ ادخل بعد ذلك قبَّةَ زَمزم، وسلْ ما تريد، قال: ففعلتُ، فناداني صوتٌ من زمزم: يابن يوسف، أيُّهما أحبُّ إليك؟ العلم مع الغنى، أو المعرفة مع الفقر؟ فقلت: المعرفة مع الفقر، فسمعت ذلك الصَّوت يقول: قد أُعطيت، قد أُعطيت.

أسند عن إسحاق بن راهويه وغيره، وروى عنه ابن مَخْلَد وغيره.

[وفيها توفي

الكُدَيمي

واسمه] محمَّد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عُبيد بن ربيعة بن كُدَيم، أبو العبَّاس، القُرشيّ، البصريُّ. [وهو ابن امرأة رَوْح بن عُبادة.

ولد سنة ثلاث أو خمس وثمانين ومئة في ليلة مات هُشيم بن بشير، وسافر في طلب الحديث إلى الحجاز، واليمن، والشام، ومصر، وخراسان، وسمع الكثير]، حجَّ أربعين حجَّة، ثمَّ أقام ببغداد، وكان حافظًا مُتقنًا (٢).

قال: حضرتُ جنازة عبد الرحمن بن مَهديّ في سنة ثمان وتسعين ومئة، وكتبتُ عن ألفٍ ومئة شيخ وستة وثمانين شيخًا.

وكانت وفاته ببغداد في نصف جمادى الآخرة.

سمع عفَّان بن مسلم وغيرَه، وروى عنه ابنُ الأنباري وغيرُه.

وقد تكلَّموا فيه؛ فقال عبد الله بن الإِمام أحمد: الكُديميُّ حَسَنُ الحديث والمعرفة،


(١) في (خ): خمس مئة، والمثبت من (ف) و (م ١).
(٢) ما بين معكوفين من (ف) و (م ١)، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد ٤/ ٦٨٨، والمنتظم ١٢/ ٤٠٨، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٨٣٣، والسير ١٣/ ٣٠٢، وميزان الاعتدال (٧٨٦٧).