للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتَّفق مرضه فاشتغل عن ذلك.

وسبب وفاته غلبة اليَبس (١) من كثرة الجماع، فكان الأطبَّاء يأمرونه بما يرطِّب مَعِدته، فكان يُريهم أنَّه يحتمي، فإذا خرجوا من عنده أحضر الزيتون والخبر والصِّحناة والسمك فأكل، فلم يزل كذلك حتَّى سقطت قوَّتُه.

وقيل كان (٢) إسماعيل بن بُلبل قد سمَّه خوفًا منه، فما زال السُّمُّ يجري في بدنه، واتّفق عصيان وصيف الخادم بطَرَسُوس، فخرج من بغداد في شدَّة القبض لا يَلوي على شيء حتَّى نزل طرسوس، وعاد وقد نَحِل جسمه.

وقيل: سمَّته جارية في منديل أعطته إياه ليتمسَّح به.

وقال المسعوديُّ: شكُّوا في موته، فتقدَّم إليه بعض الأطباء فجسَّ نَبْضَه، فرفَسَه برجله فألقاه أذْرُعًا، فمات الطبيب، ومات المعتضد من ساعته (٣).

وكانت وفاته بقصره الحسني (٤) ليلة الأحد لسبع بقين من ربيع الآخر [سنة تسع وثمانين ومئتين] على خمس ساعات من الليل، وقيل: لثمانٍ بقين منه.

وأوصى أن يُدفن في دار محمَّد بن طاهر، وهو الحريم الطَّاهري اليوم في الجانب الغربي من بغداد، فدُفن بدارٍ [تعرف بدار] الرُّخام، وقبره بها اليوم، وغسَّله أَحْمد بن شَيبة.

وأوصى أن يحضر جنازته الأكابر، فحضر الوزير القاسم، والقضاة أبو خازم، ويوسف بن يعقوب وهو الذي صلّى عليه، وحمل من قصره الحسنيّ ليلًا إلى دار ابن طاهر.

[وحكى الخَطيب عن] صافي الحُرَمي قال: كفَّنته (٥) في ثوبين أبيضين قيمتهما ستة عشر قيراطًا.


(١) في (ف م ١): واختلفوا في سبب وفاته فقال الصولي غلب عليه اليبس.
(٢) في (ف م ١): وقال سعيد بن غالب كان.
(٣) مروج الذهب ٨/ ٢١٢.
(٤) في (ف) و (م ١): وقال الصولي: كانت وفاته في قصره الحسيني. .
(٥) في (خ): وقال صافي الحرمي: كفنته … ، والمثبت وما بين معكوفين من (ف) و (م ١)، وكلام الخَطيب في تاريخه ٦/ ٨٣.