للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها غزا غلام زرافة من طَرَسوس إلى الرُّوم، فوصل إلى أنطاكية قريبًا من قسطنطينية، فأناخ عليها وقاتلها، ففتحها بالسَّيف عَنوة، وقتل فيها خمسة آلاف رجل، وأسر أضعافَهم، واستنقذ من أُسارى المسلمين أربعة آلاف إنسان، ووجد بساحلها ستِّين مَرْكبًا، فحفَلها ما غنم من الذَّهب والفضَّة والمتاع والرقيق، وأصاب سهم الفارس أَلْف دينار.

وفيها مات القاسم بن عُبيد الله الوزير، ودخل محمَّد بن سليمان دمشق بالعساكر، وكان بها بدر الحمامي فتلقاه، فقلَّده إياها، وسار محمَّد إلى الرَّملة.

وحجَّ بالنَّاس الفضلُ بن عبد الملك الهاشميُّ.

[فصل] وفيها تُوفِّي

إبراهيم بن أَحْمد بن إسماعيل

أبو إسحاق، الخوَّاص، البغداديُّ.

أوحد زمانه في التوكُّل، صحب أَبا عبد الله المغربي، وكان من أقران الجُنيد والثَّوريّ، وله في الرياضات والسِّياحات مقامات يطول شَرحُها، وأصله من سُرَّ من رأى، وإنَّما سكن الرّيَّ وأقام بها، ولم يكن خوَّاصًا، وإنما جرت له واقعةٌ سمِّي لها الخوَّاص.

قال (١): فَتَرْتُ في بعض الأوقات، فكنت أخرج إلى ظاهر البلد، فأجلس على نهر وحوله خُوصٌ كثير، فخطر لي أن أعمل كلَّ يوم خمس قفاف وألقيها في النَّهر أتسلَّى بذلك، [وكأنِّي كنت مُطالبًا به، فجرى وقتي على ذلك أيَّامًا]، فخطر لي في بعض الأيام أن أمشي خلف القِفاف، وأنظرَ أين تذهب، فمشيتُ على جانب النَّهر ساعة، وإذا بعجوزٍ جالسة حزينة -ولم أكن عملتُ في ذلك اليوم شيئًا- فقلت: ما لي أراك حزينة؟ فقالت: أنا امرأةٌ أَرْمَلة، مات زوجي وترك خمس بنات، ولم يخلِّف لنا شيئًا،


(١) في (ف م ١): ذكر الواقعة، حكاها الخَطيب وغيره عن جعفر الخلدي عن إبراهيم الخواص. اهـ. والخبر في تاريخ بغداد ٦/ ٤٩٦ وليس فيه ذكر للخلدي. وانظر في ترجمة الخواص: الحلية ١٠/ ٣٢٥، وطبقات الصوفية ٢٨٤، والمنتظم ١٣/ ٢٦، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٩٠٦.