للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خفَّف الله عنك ولا خلَّصك.

قال المتطبّب: فجمعتُ بينها وبين المرأة التي تُداوي الجَرحى، فأبصرت جُرحها، فقلت لها بعدما انصرفت: كيف حالُ جُرحِها؟ فقالت: ما أراها تنجو منه؛ لأنِّي وضعتُ يدي على الجرح وقلت لها: انفخي فنفخت، فخرج الريحُ من جرحها من تحت يدي، ومضت المرأة فلم تَعُد إلينا [بعد ذلك اليوم.

فصل:] وفيها جهَّز المكتفي الجيوشَ لقتال الحسين بن زكرويه مع محمَّد بن سليمان الكاتب، وكان الحسين قد عاد من العراق إلى الشَّام، والمكتفي مقيم بالرَّقَّة، فالتقَوا بِتَمْنَع (١) بين حلب وحماة يوم الثلاثاء لتسع خلون من المحرَّم، وكان القرمطيُّ قد قدَّم أصحابه وتخلَّف هو في جماعة منهم ومعه مالٌ، وجعل سوادَه وراءه، فالتحمت الحربُ بين القرمطيِّ ومحمَّد بن سليمان، فهزمهم محمَّد، وتفرَّقوا، وأَسر منهم خلقًا كثيرًا.

فلمَّا رأى القرمطيُّ ما حلَّ بأصحابه حمَّل أخًا له مالًا، وأمره أن يلحق بالبادية؛ إلى أن يظهر في مكان فيصير إليه، وركب هو وابن عمّه المسمى بالمدَّثِّر، والمطوّق بالنور غلامه وكان روميًّا (٢)، وأخذ دليلًا، وسار يريد الكوفة عرضًا في البرّيَّة، حتَّى انتهى إلى موضع على الفرات يُعرف بدالية ابن طَوق، فنفد ما كان معهم من الزَّاد والعَلَف، فوجَّه إلى الدَّالية رجلًا اشترى لهم منها زادًا وعَلَفًا، فأنكروا زيَّه، فأخذوه إلى والي المكان، فتهدَّده (٣) فأخبره أنَّ صاحب الشَّامة خَلْفَ رابيةٍ في ثلاث مئة نفر (٤)، فجاء الوالي، فأخذهم وحملهم إلى المكتفي بالرَّقَّة لأربع خلون من المحرَّم، وهو راكبٌ على جمل، وبين يديه المدَّثِّر والمطوَّق.


(١) هي قرية من بلاد المعرفة على الطريق الآخذة من حماة إلى حلب. المختصر في أخبار البشر ١/ ١٨٨.
(٢) في الطبري ١٠/ ١٠٨، والكامل ٧/ ٥٣٠: والمطوق صاحبه وغلام له رومي.
(٣) في (ف م ١): فتهددوه فذكر أنَّه ابتاع رقيق (كذا؟!) فصل وفيها تُوفِّي إبراهيم بن عبد الله، وبهذا سقطت أحداث السنة (٢٩٢ هـ)، ووضع للسنة (٢٩٣ هـ) عنوان: السنة الثَّانية والتسعون بعد المئتين، ثم تتابع ترقيم السنين بعدها.
(٤) في الطبري ١٠/ ١٠٩، والكامل ٧/ ٥٣١: في ثلاثة نفر.