للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمع الإِمام أَحْمد رحمة الله عليه وغيرَه، وروى عنه ابنُ الأنباريِّ وغيرُه.

وسئل عنه الدَّارقطنيُّ فقال: هو ثِقَةٌ وفوق الثِّقة بدرجات.

وقال ابنُ مِقسم: كنت عند أبي العبَّاس أحمدَ بنِ يحيى إذ جاءه إدريس الحدَّاد، فأكرمه وحادثه ساعةً -وكان إدريس قد أسنَّ- فقام وهو يتساند، فلَحَظَه أبو العبَّاس وقال: [من الطَّويل]

أرى بصري في كلِّ يومٍ وليلةٍ … يَكِلُّ وطَرفي عن مَدَاهُنَّ يَقْصُرُ

ومَن يَصْحَبِ الأيامَ تسعين حِجَّةً … يُغيِّرْنَه والدَّهرُ لا يتغيَّرُ

لَعَمري لئن أصبحتُ أمشي مُقيَّدًا … لما كنتُ أمشي مُطْلَقَ القَيدِ أكثرُ (١)

[القاضي أبو خازم]

عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد، السَّكونيُّ، الإِمام، الفاضل، الورع (٢).

أصله من البصرة، وسكن بغداد، ولي القضاء على مدينة السَّلام وغيرِها.

وكان عراقيَّ المذهب، عاقلًا، عَفيفًا، ثقةً، أديبًا، وولي قضاء دمشق والأردن وفلسطين في أيَّام أَحْمد بن طولون، وولي الكوفة.

وقال ابن حَبيب الذَّارع: كنَّا ونحن أحداث نُقعد أَبا خازم قاضيًا ونتحاكم إليه، فما مضت الأيامُ والليالي حتَّى صار قاضيًا.

وكتب إليه عُبيد الله الوزير بسبب ضيعة مجاورة لضياعه أن يبيعها على اليتيم، فكتب إليه أبو خازم: إن رأى الوزير أن يجعلني أحدَ رجلين؛ إمَّا رجلًا صِيْن الحكمُ به، أو صِين الحكمُ عنه، فعل، فسكت ولم يعادوه.

وقال طلحة بن محمَّد بن جعفر: استقضى المعتضدُ أَبا خازم على الشَّرقية سنة ثلاث وثمانين ومئتين، وكان أديبًا، ورعًا، عالمًا بمذاهب أهل العراق، والفرائض، والدُّور، والوصايَا، والمناسخات، والجبر، والمقابلة، والمَحَاضر، والسّجلَّات، وأمَّا عقله فلم يكن في زمانه من أبناء جنسه أعقل منه.


(١) سؤالات السهمي ٢٠٣، وتاريخ بغداد ٧/ ٤٦٦ - ٤٦٨، والمنتظم ١٣/ ٣٧، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٩١٦.
(٢) تاريخ بغداد ١٢/ ٣٣٨، والمنتظم ١٣/ ٣٨، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٩٧١، ومروج الذهب ٨/ ٢٣٦.