للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثالثة والتسعون بعد المئتين]

فيها في المحرَّم واقع الخَلَنجيُّ المتغلِّبُ على مصرَ عسكرَ المكتفي على العَريش، فهزمهم أقبحَ هزيمة، وكان فيهم أَحْمد بن كَيغَلَغ، فجهَّز المكتفي إليه جماعة فيهم إبراهيمُ بنُ كيغلغ.

وفيها ظهر بالدَّالية من طريق الفرات أخٌ للحسين بن زَكْرويه (١)، وحارب أهلها، فندب المكتفي لقتاله الحسينَ بن حَمْدان، وصار القرمطيُّ إلى دمشق فحارب أهلها، فمضى إلى طبريَّة وحارب أهلها، فغلب عليها ودخلها، فقتل عامَّة أهلها من الرِّجال والنِّساء، ونَهبها، وانصرف إلى ناحية البادية.

وقال محمَّد بن داود بن الجرَّاح: لَمَّا قُتل الحسين بن زكرويه صاحبُ الشَّامة، أنفذ أبوه زكرويه بن مهرويه من القَطيف رجلًا كان يُعلِّم الصِّبيان بقريةٍ تُدعى الزَّابُوقة من عمل الفلُّوجة؛ يسمَّى عبد الله بنَ سعيد، ويُكْنى أَبا غانم، فتسمَّى نصرًا ليُعَمِّي أمرَه، فدار على أحياء كَلْب يدعوهم إلى رأيه، فلم يقبله أحد سوى رجل واحد من بني زياد يسمَّى المِقْدام بنَ الكيَّال، فاستغوى له طوائفَ من بطون العرب، وقصد ناحيةَ الشَّام، وعاملُ المكتفي على دمشقَ والأردن أحمدُ بن كيغلغ، وهو مقيمٌ بمصر لحرب الخلنجيِّ، فاغتنم عبد الله بن سعيد ذلك، وسار إلى بُصرى وأَذرِعات والبَثَنيَّة، فحارب أهلها ثمَّ أمَّنهم، فلمَّا استسلموا قَتل مقاتلتهم، وسبى ذراريَّهم، وأخذ أموالهم.

وجاء إلى دمشق، فخرج إليه صالحُ بن الفضل، فقتله وفضَّ عَسْكَرَه، ودافعه أهلُ دمشق فلم يقدر عليهم، فمضى إلى طبريَّة، وكان على الأردن وطبريَّة يوسفُ بن إبراهيم عاملُ أَحْمد بن كيغلغ، فأَمَّنه القرمطيُّ، ثمَّ غدر به فقتله، ونهب طبريَّة، وسبى نساءها، فبعث المكتفي الحسين بن حمدان، فورد دمشق والقرامطةُ بطبريَّة، فعطفوا نحوَ السَّماوة، وتبعهم الحسين، فلَحِجُوا (٢) في البريَّة، فانقطع الحسين عنهم لقلَّة الماء،


(١) في (خ): للحسين بن حمدان بن زكرويه، وهو خطأ، والمثبت من تاريخ الطبري ١٠/ ١٢١، والمنتظم ١٣/ ٤٤، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٨٦٦.
(٢) أي: دخلوا ولجؤوا. ينظر اللسان: (لحج).