للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السادسة والتسعون بعد المئتين]

فيها خُلع المقتدر (١)، وسبَبُه صِغَر سنِّه، وقصورُه عن تدبير الخلافة، واستيلاءُ أمِّه والقَهْرَمانة على الخلافة.

قال القاضي محمد بن يوسف: لما تمَّ أمر المقتدر استصباه العبَّاس الوزير، وكثر خَوْضُ النَّاس فيه في صغر سنِّه، فعمل العبَّاس على أن يخلي أمره، ويقلِّد الخلافة محمدَ بنَ المعتمد، ثمَّ اجتمع محمد بن المعتمد وابنُ عمْرَوَيه صاحب الشرطة في مجلس العبَّاس يومًا، وجرت بينهما منازعة، فأربى عليه ابن عمرَوَيه في الكلام، ولم يعرف ما قد رُشِّح له، ولم يتمكَّن محمد من الانتصاف منه لمحَلِّه، فلمَّا اغتاظ غيظًا عظيمًا كظمه، ففُلج في المسجد، فاستدعى العبَّاس عماريَّة، فحمله فيها إلى منزله، فلم يلبث أن مات، فعمل العبَّاس على تقليد أبي الحسين ابن لُجين من ولد المتوكِّل على الله، فمات الآخر.

ذكر فتنة عبد الله بن المُعْتَزّ

اتَّفق جماعة من القوَّاد والأعيان والقضاة والعامَّة على خَلْع المقتدر وتولية عبد الله بن المعتزِّ الخلافةَ، فأجابهم بشرط ألا يكونَ فيها دمٌ ولا حرب، فأجابوه كلُّهم، وكان رأسُهم محمدَ بن داود بن الجرَّاح، وأبو المثنَّى أحمد بن يعقوب القاضي، والحسين بن حمدان، واتَّفقوا على قتل المقتدر ووزيرِه العبَّاس وفاتكٍ المعتضدي، فلمَّا كان يوم السبت لعشر بقين من ربيع الأول ركب الحسين بن حمدان والقوَّاد والوزير، ووقفوا على باب الخلافة وتسايروا، فعطف الحسين بن حمدان على العبَّاس الوزير فقتله، فأنكر عليه فاتك، فعطف على فاتك فقتله، وكان المقتدر بالحلبة يلعب بالصَّوالِجَة، فقصده ابنُ حمدان ليقتله، وسمع المقتدرُ الضجَّةَ، فدخل الدَّار وأغلق الأبواب، فعاد ابن حمدان إلى المُخَرِّم (٢)، فنزل بدار سليمان بن وهب، وأرسل إلى عبد الله بن المعتز -وكان نازلًا في دار إبراهيم بن أحمد المادرائيِّ- الراكبةَ على الصَّراة


(١) من هنا إلى قوله: وفيها قدم الحسين بن حمدان … ليس في (ف) و (م ١).
(٢) المُخَرِّم: محلة ببغداد بين الرصافة ونهر المعلى. معجم البلدان ٥/ ٧١.