للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واختلفوا في وفاته؛ فقال قوم:] مات عمرو ببغداد، والأصحُّ أنَّه مات بجُدَّة في هذه السَّنة، وقيل: سنة إحدى وتسعين ومئتين، وقيل: إنَّه وَلِي قضاءَ جُدَّة فهجره الجنيد [وقال: كان يُظهر الزهد في الدنيا ويتولى القضاء!].

أسند عن الرَّبيع بن سليمان [ويونس بن عبد الأعلى] وغيرِهما، وروى عنه الخُلْدي وغيرُه.

[وفيها توفي]

أبو الحارث الفَيض بن الخَضِر بن أحمد

وقيل: الفيض بن محمد الأوْلاسي الطَّرسوسي.

[قال السُّلَمي: هو] أحد الزُّهَّاد، وكان في صباه يتعانى اللهوَ والغناءَ، فاجتاز يومًا على مريض مطروح على قارعة الطَّريق، فقال له: ما تشتهي؟ فقال: رُمّانًا، فقال: فأتيته برمَّان فوضعتُه بين يديه، فرفع رأسه إلى السَّماء وقال: تاب الله عليك، فما أمسيتُ حتَّى تغيَّر قلبي عن ما كان عليه.

وخرجتُ إلى الحجِّ، فبينا أنا أسير في الليل مررتُ بقوم يشربون، وأجلسوني معهم، وعرضوا عليَّ الشراب، فقلت: أحتاج إلى البول، وذهبتُ في غابة وإذا بسَبُع، فقلت: اللهمَّ إنَّك تعلمُ ما تركتُ، وفيمَ خرجت، فاصرف عنِّي شرَّه، فولَّى وهو يُهَمْهم.

ودخلت مكَّة فلقيتُ بها من انتفعتُ به، منهم: إبراهيم بن سعد العلويُّ.

وقال (١): رأيت إبليسَ له جُمَّة شَعَر، فأقبلتُ أتملَّق له، وأقول: خَلِّني وربي، فقال: كيف أخلّيك وفي أبيك هلكتُ؟ والله لا أخلِّيكم حتَّى تهلكوا معي، فأخذتُ برأسه، وبركته على حَجَر، وأردت أن أخنِقَه، فذكرتُ أنَّ الله قد أَنْظَره إلى يوم القيامة فتركتُه.

[وحكى عنه في "المناقب" أنَّه] قال: أقمتُ ثلاثين سنةً ما يسمع لساني إلَّا من سِرِّي، ثمَّ أقمتُ بعد ذلك ثلاثين سنةً ما يسمع سِرِّي إلَّا من ربِّي. وكانت [وفاته] بطَرَسُوس.


(١) في (ف م ١): وحكى عن ابن جهضم قال: والمثبت من (خ). وانظر ترجمته في تاريخ دمشق ٥٨/ ٢١٩ - ٢٢٦، والمنتظم ١٣/ ٩٨، وتاريخ الإسلام ٦/ ٩٩٨.