للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الرابعة وثلاث مئة]

فيها عاد نصر الحاجب من الحج في المحرم، ومعه العلويُّ الَّذي كان يقطعُ الطريقَ على الحج مأسورًا، فحُبس في المُطْبِق.

وفي ربيع الآخر غزا مؤنسٌ الخادم بلادَ الروم من ناحية مَلَطْية، وكتب إلى أمراء الأطراف يوافونَه إلى الدَّرْب، فوافاه عليُّ بن أحمد بن بسطام من طَرَسُوس، ففتحَ مؤنسٌ حصونًا كثيرة، وأثر آثارًا جميلة، وعاد إلى بغداد، فخَلَع عليه المقتدر.

وفي جمادى الأولى توفِّي عبد الوهاب بن علي بن عيسى [الوزير، وأخو الوزير داود بن عيسى، ومات زيادةُ الله بن الأغلب والي إفريقية].

وفي شوال ماتَ محمد بن إسحاق بن كُنداجيق بالدِّينوَر، وكان متقلِّدًا لها، وصادر عليُّ بن عيسى ورثتَه على ستين ألف دينار مُعَجَّلة (١).

وفيها فزع الناس ببغداد من حيوان يسمى الزَّبْزَب، ذكروا أنَّهم يرونه في الليل على أسطحتهم، وأنه يأكُل أطفالهم، وربما قطعَ يدَ الإنسان وهو نائم، وثديَ المرأة، فيأكله، وكانوا يتحارسون طول الليل ولا ينامون، ويضربون [الطُّسوت و] الصواني والهواوين؛ ليُفزعوه فيهرب، وارتجَّت بغداد من الجانبين، وأصلحَ الناسُ لأطفالهم مكابّ من سَعَفٍ يُكِبُّونَها (٢) عليهم بالليل، ودام ذلك عدَّة ليال، فأخذَ السلطانُ حيوانًا أبلق كأنَّه من كلاب الماء، وذكر أنَّه الزبزب، وأنَّه صِيدَ فصلب عند الجسر الأعلى بالجانب الشرقي، فلم يغن ذلك شيئًا إلى أن انبسطَ القمر، وتبيَّن للناس أنَّه لا حقيقة لما توهَّموه، فسكنوا، إلَّا أنَّ اللصوصَ وجدوا فرصةً بتشاغل الناس [في سطوحهم]، فكثُرت النُّقوب والعملات (٣).


(١) انظر أوراق الصولي ص ١١١ (ما لم ينشر منها)، وصلة تاريخ الطبري ص ٦٠ - ٦١.
(٢) في (ف) و (م ١): يكفونها.
(٣) المنتظم ١٣/ ١٦٧، وانظر تكملة تاريخ الطبري ص ٢١٠، والكامل ٨/ ١٠٥. وما سلف بين حاصرتين من (ف) و (م ١).