للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما أوتي ابن داود، قال: ولمَ؟ قال: لأن التَّسبيحَة تبقى ومُلْك ابن داود يَفنى.

وفي رواية: أنَّ الحرَّاث لما رأى البساط قال: لو أن ابن داود عندي كلَمته بثلاث كلماتٍ، فأوحى الله إليه انزل إليه، فنزل سليمان وقال: ما الكلمات؟ قال:

أما الأولى، فإني قلتُ: والله ما سليمان في لذةٍ التذَّ بها أمسِ وأنا في تعبٍ تعبته أمس إلا سواءً، فلا هو واجد لَذَّة أمس ولا أنا وجدْتُ تعبَ أمس.

والثانية: قلتُ: سليمان يموت وأنا أموت.

والثالثة: قلتُ: سليمان سأل وأُعْطيَ وأنا لا أسأل (١)، فخرَّ سُلَيْمان يبكي ويقول: إلهي لولا أنك جَواد لا تبخل لسألتك أنْ تَنْزعَ عنِّي ما أعطيتَني.

قال كعب: مرَّ سليمان في طريقه إلى اليَمَن على يَثْرِب فقال: هذه مُهاجَرُ نبيٍّ يُبعثُ في آخر الزمان، فطوبى لمن رآه وآمن به. قال: ثم مرَّ على البيت فرأى حوله أصنامًا تُعبدُ من دون الله فجاوزهُ لم ينزل عنده، فبكى البيتُ، فأوحى الله إلى البيت: سأملؤك وجوهًا سجدًا، وأُنزل فيك قرآنًا، وأبعثُ منك نبيًا في آخر الزمان هو أحبُّ أنبيائي إليَّ، وأُسْكِنُ حَولك عُمَارًا من أمَّته يعبدونني ويمجِّدونني ويطهِّرونك من الأصنام، وأفترضُ زيارتك عليهم، يَزِفُّون إليك زَفيف النسور إلى أوكارها، ويحنُّون إليك حنينَ النوق إلى أولادها، وسيعود إليك سليمانُ ويَقضي واجبَ حقِّكَ. فلمَّا عاد نزل به وكسر الأصنام وطاف به وذبح الذبائح وقضى نُسُكَه (٢).

[فصل في عرض الخيل على سليمان]

وهل عقرها قبل وقوع المحنة أو بعدها؟ فيه قولان.

قال الله تعالى: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ﴾ [ص: ٣١] العشيّ: ما بعد الزَّوال، لأن النهار قسمان غداة وعشي، فالغداة من طُلُوع الفجر إلى وقت الزَّوال، والعشيُّ ما بعد الزَّوال إلى غروب الشمس.


(١) في (ب): "سليمان يسأل غدًا وأنا لا أسأل".
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٩٨.