للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأرسل إلى نازوك، فأمر بقتلهما، فقال نازوك: هذا أمر عظيم، لا يُقنعني (١) فيه رسالة، فأمر المقتدرُ بإدخاله إليه، فشافهه بذلك، [فخرج إلى ابن الفرات،] فقتل المحسِّن، وجاء برأسه إلى أبيه، فارتاع وقال لنازوك: راجع أميرَ المؤمنين فأنا أُقر بأموالي وودائعي، وعندي مالٌ عظيم وجواهر جليلة (٢)، فلم يلتفت، وضرب عُنقه، وبعث برأسيهما إلى المقتدر، فأمر بأن يُرميا في دجلة، فغُرِّقا.

وكان سنُّ أبي الحسن بن الفرات حين قُتل إحدى وسبعين سنة وشهورًا، إلا أنه ولد سنة إحدى وأربعين ومئتين، وسنّ ابنه المُحسن ثلاثًا وثلاثين سنة، فكان بينهما وبين وفاة حامد [بن العباس] الوزير ستةُ أشهرٍ وأيامًا.

ولمَّا قُتل ابن الفرات جاء هارون بن غريب إلى الخاقاني فهنأه، فغُشي عليه حتى ظنَّ هارون أنَّه قد مات، وصرخ عليه أهلُه وغلمانُه، وقال مؤنس: أليس قد قُتل ابنُ الفرات؟ والله لنقتلَنَّ كلنا [كما قتل].

وقيل: إن كاتبَ ابن الفرات ويقال له: أبو الطيب رأى في منامه كأنَّه دخل إلى مكان وفيه مؤنس، وفي يده عشرُ خواتيم فُصوصُها ياقوتٌ أحمر، ومؤنس يقول: قد قُتل ابن الفرات، والله لنقتلن كلُّنا، أوَّلُنا المقتدرُ، وأنا والله ما أردتُ قتلَه، وإنما قتله نصر الحاجب، فكان كما قال، قُتل مؤنس بعد عشر سنين (٣).

وكان أبو نَصْر وأبو عبد الله ابنا أبي الحسن بن الفرات مُعْتَقَلَين، وكان قد أخذ خطُّهما بأربع مئة ألف دينار، فقال مؤنس للمقتدر: إنهما قد أُصيبا بأبيهما، وما كان لهما مع المحسن مدخلٌ، وأسأل أن يُطلَقا ولا يؤخذ منهما شيء، فأجابه المقتدر، فخلع عليهما مؤنسٌ، وأعطى كلَّ واحدٍ عشرة آلاف درهم.

وفيها أطلق القرمطي أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان، فوصل إلى بغداد، وبعث القرمطى يطلب من المقتدر البصرةَ والأهوازَ، وذكر ابنُ حمدان أنَّ القرمطيَّ قتل من الحاجِّ من الرجال ألفَين ومئتين، ومن النساء ثلاث مئة، وبقي عنده بهجر ألفان ومئتان


(١) في (ت م ١): لا تنفعني.
(٢) في (ت م ١): وجوهر جليل.
(٣) تحفة الأمراء ٥١.