للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عظيمة.

وقال ثابت: لمَّا وصل خبرُ القِرمطيِّ ردَّه المقتدرُ من تكْريت إلى بغداد، فبعث جيشًا إلى الروم (١).

وفيها ظهرت الدَّيْلَم على الرَّيّ والجبال، وأول مَن غلب لنكي بن النُّعمان، فقتل من أهل الجبال مقتلةً عظيمة، وذبح الأطفال في المُهود، ثم غلب على قَزْوين أرجلٌ دَيلَميّ يقال له:] أسفار بن شيرويه، وألزم أهلَها مالًا وعَسَفهم، فخرج الشيوخ والأطفال والنساء والصبيان إلى المصلَّى يدعون الله عليه.

وكان له قائد اسمه مرداويج [بن زيار، فوثب مرداويج] على أسفار، فقتَلَه وملك مكانه، وأساء السيرة في أَصبهان، وانتهك الحُرمات، وجلس على سرير من ذهب، دونه سريرٌ من فضة يجلس عليه مَن يرفع منه ويقول: أنا سليمان بن داود، وهؤلاء الشياطين أعواني، وكان يسيءُ السيرةَ في أصحابه وخصوصًا الأتراك، فدخل الحمَّام يومًا، فدخل عليه الأتراك فقتلوه ونهبوا خزائنَه، ومشى الديلمُ بأجمعهم حُفاةً تحت تابوته أربعة فراسخ.

وفيها جاء أبو طاهر القرمطيُّ إلى الكوفة في شوال، فنزل قريبًا منها في أَلْف فارس وخمسة آلاف راجل، فجهَّز المقتدر إليه يوسف بن أبي السَّاج في عشرين ألفًا ما بين فارسٍ وراجلٍ مُقاتلة سوى الأتباع، وأخذ القرمطيُّ من الكوفة ما كانوا أعدُّوه من الميرة والعُلوفات ليوسف [فَتَقوَّى بها] وكان القرمطيُّ قد سبق يوسفَ [إلى الكوفة] بيومٍ، وذلك يوم الخميس لسبع خلون من شوال، وبعث يوسفُ إلى القرمطي يدعوه إلى الطاعة، فلم يُجب، والتقوا يوم السبت، فنظر يوسفُ إلى عسكر القرمطيِّ فاحتقره وقال: ومَن هؤلاء الكلاب حتَّى أُفكِّر فيهم، هؤلاء بعد ساعة في يدي، ثم كتب (٢) إلى المقتدر كتاب الفتح قبل اللقاء [تهاونًا به] وأمر بدقِّ الدَّبادب والبوقات، فقال القرمطيُّ: هذا فشلٌ، ولم يكن في عسكره دَبادب ولا بوقات.


(١) من قوله: وتجهز مؤنس للخروج … إلى هنا ليس في (ف م ١).
(٢) في (ف م ١): ثم أمر فكتب.