للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتقوا، فثبت ابن أبي السَّاج، وقاتل قتالًا شديدًا، وخرج من القرامطة خمسُ مئة بالنُّشَّاب المَسموم، والقرمطيُّ في عَمَّاريَّة في نحو مئتي فارس من ثقاته، فنزل من العَمَّاريَّة (١) وركب فرسًا، وحمل هو ومن معه من أصحابه على يوسف، وحمل عليه يوسف في غلمانه، واشتبكت الحربُ بينهم، فلمَّا كان في آخر النهار أُسر يوسف وفي جَبينه ضَرْبة، بعد أن اجتهد به غلمانُه أن ينصرف فامتنع [عليهم، وصار أسيرًا في يد القرمطي بعد أن] قتل من أصحابه عِدَّةٌ كثيرةْ، وانهزم أصحابُه، وحُمل إلى القرمطي فضُربت له خيمة، وفُرِش له فيها، وداوَوْا جراحتَه.

وبلغ الخبرُ إلى بغداد في ثالث عشر شوال، فانزعج المقتدر وأهلُ بغداد، وعزموا على النُّقْلَة إلى شرقي بغداد، وخرج مؤنس بعساكره إلى باب الأنبار فأقام به، وجاء القرمطيُّ إلى الأنبار فنزل غربيها، فقطعوا الجسرَ بينهم وبينه على الفرات، وأقام غربي الفرات يتحيَّل في العبور إلى الجانب الشرقي، ثم عبر، وقتل أصحابَ السلطان بالأنبار.

وخرج نصر الحاجب والرجَّالة وجميع مَن ببغداد من القوَّاد وغيرهم، واجتمعوا بمؤنس بباب الأنبار، وكانوا أربعين ألفًا من الفُرسان والمُقاتلة والرَّجَّالة وزيادةً على ذلك، وخرج أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان وإخوتُه أبو الوليد وأبو العلاء وأبو السَّرايا في أصحابهم وأعوانهم.

وتقدَّم نصر الحاجب فنزل على نهر زبارا عند عَقْرَقُوف (٢)، على نحو فَرْسَخَين من بغداد، ولحق به مؤنس [واجتمعوا على النهر] وأشار أبو الهَيجاء [على نَصْر] بقطع القَنْطَرة، فتثاقل مؤنس عن قطعها فقال له: أيُّها الأستاذ، اقطعها واقطع لحيتي (٣) معها، فقطعها لإحدى عشرة ليلة خلَت من ذي القعدة.

ولمَّا أصبحوا جاءهم القرمطيُّ في عسكره فحاذاهم، وبعث بين يديه أسود ينظر إلى


(١) في (ف م ١): وخرج من أصحاب القرمطي خمس مئة رجل بالنشاب المسموم وأكثر، فلما رأى القرمطي ذلك وكان في عمارية مع من يشق به من أصحابه في نحو من مئتي فارس ونزل من العمارية. والمثبت من (خ).
(٢) في (ف م ١): فنزل على النهر الذي عند عقرقوف ويعرف ببارا، والمثبت من (خ).
(٣) في (ف م ١): واقطع الجسر، وانظر تكملة الطبري ٢٥٤.