للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السابعة عشرة وثلاث مئة]

فيها خُلِع المقتدر، قال ثابت بن سنان: لما كان يوم السبت لثمانٍ خلَون من المحرَّم خرج مؤنس إلى باب الشَّمَّاسية، ومعه جميعُ الجيش، وركب نازوك الوالي في جيشه من داره بالجانب الغربي وغلمانه في السلاح، فأتى دجلة ليعبر إلى مؤنس، فوجد الجسر مقطوعًا، فأقام إلى أن أُصلِح، وعَبر عليه، وخرج أبو الهيجاء بن حمدان إلى مؤنس أَيضًا، فردَّ عليه الدِّينَوَر، وكان المقتدر عزله عنها، وكذلك جميع القواد صاروا إلى مؤنس، وانتقلوا إلى المصلَّى.

وشَحن المقتدرُ دارَه ومعه هارون بن غريب، وأَحمد بن كيغلغ، والحُجَرية والرَّجَّالة، فلما كان آخر النهار انفَضَّ أكثرُ مَن كان في دار الخليفة من الرَّجالة وصاروا إلى مؤنس، ولما كان من الغد انفَضَّ الباقون إليه أَيضًا.

وراسل مؤنسٌ المقتدرَ بأنَّ الجيشَ عاتبٌ منكرٌ لما يُصرَف من الأموال إلى الحُرَم والخَدَم، وأنَّهم يطلبون إخراجَ الحُرَم والخدم من الدار، وإبعادَهم، وأخْذَ ما في أيديهم، فكتب إليه رُقعة بخطه منها:

أمْتَعَني الله بك، ولا أخلاني منك، ولا أراني فيك سوءًا، وإنِّي تأملتُ الحال التي خرج الأولياءُ إليها وتمسَّكوا بها، فوجدتُهم لم يُريدوا إلَّا صيانةَ نفسي ووَلدي، وإعزازَ أمري ومُلكي، واجتلابَ الخير والمنفعةِ لي، فبارك الله عليهم، وأحسنَ إليهم، وأعانَني على صالح ما أنويه فيهم.

فأما أَنْتَ يَا أَبا الحسن المظفَّر -لا خَلَوتُ منك- فشيخي وكبيري، ومَن لا أحولُ عن المَيل إليه والتوفُّرِ عليه، اعترض بيننا هذا الحادث أو لم يَعْترِض، وانتقضَ الأمرُ الذي يجمعُنا أو لم يَنْتقِض، وأرجو ألا تَشُكَّ في ذلك إذا صدقْتَ نفسَك وحاسبْتَها، وأزَلْتَ الظُّنونَ السيئةَ عنها، أدام الله حِراستَها والقُوَّةَ بها.

والذي خاض أصحابُنا فيه من أمر الحُرَم والخَدَم الذين يُخرَجون من الدار ويُباعَدون عنها، وتسقط رُسومهم في الخدمة ويُمنَعون منها، وتُبْتَزُّ نعمتُهم ويُحال بينهم