للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الحادية والعشرون وثلاث مئة]

فيها شَغَب الجُند على القاهر، وهَجَموا عليه دارَ الخلافة، فنزل في طَيَّارٍ إلى دار مؤنس، وشكا إليه، فأرسل إليهم وقال: اصبروا عشرة أيام، فصبروا.

وفيها استوحش مؤنس المُظَفَّر، وبليق، وعلي ابنُه، وابن مُقْلَة من القاهر، وسببه: أنَّ ابن مُقْلَة كان مُنحَرفًا عن محمَّد بن ياقوت، فنقل إلى مؤنس أنَّ ابنَ ياقوت يُدبِّر عليهم، وعيسى المُتَطَبِّب يمشي بينه وبين القاهر، فبعث مؤنس غِلمانَ بليق إلى دار الخليفة يطلبون عيسى، فقيل: هو عند القاهر، فهجموا عليه وأخذوه من حَضْرة القاهر، فنفاه مؤنس في الحال إلى الموصل، وذلك في ربيع الآخر.

واتَّفق ابنُ مُقْلَة ومؤنس وبليق وابنُه على الإيقاع بمحمد بن ياقوت، وعلم بها أحمد بن زيرك (١)، وأمره بالتَّضييق على القاهر، وتفتيش مَن يدخل ويخرج من الرجال والنساء والخدم، فبلغ من الحال أنَّه فَتَّش لَبنًا اشتُري للقاهر لئلَّا يكون فيه رُقعةٌ، وطالب ابنُ بليق القاهرَ بما كان عنده من أثاث أمِّ المقتدر، فأعطاه إياه، فبيع وجُعِل ثمنُه في بيت المال، وأُطلق [إلى] الجُند من مال البيعة (٢).

ونقل علي بن بليق والدةَ المقتدر إلى عند والدته، فأقامت مُكَرَّمةً عشرة أيام، وماتت يوم الإثنين لستٍّ خلَوْن من جُمادى الآخرة لزيادة العِلَّة عليها، ولما جرى من القاهر في حقِّها من المَكاره.

وفيها وقع الإرْجافُ بأنَّ علي بن بليق والحسنَ بن هارون كاتبَه عَزَما على سبِّ معاوية بن أبي سفيان على المنابر، فاضطرَبَت العامَّة من ذلك، وتقدَّم علي بن بليق بالقَبْض على أبي محمَّد البَرْبَهاري رئيس الحنابلة فاستَتَر، فقبض على جماعةٍ من أصحابه، ونُفوا إلى البصرة.


(١) في الكامل ٨/ ٢٥١، وتاريخ الإِسلام ٧/ ٤٠٣: ووكل علي بن بليق على دار الخلافة أحمد بن زيرك.
(٢) في تاريخ الإِسلام ٧/ ٤٠٣ وما بين معكوفين منه: فبيع وجعل في بيت المال وصرف إلى الجند.