للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمود الأصفهاني: كان سبب خَلْعِ القاهر سوء سيرته، وسَفْكه الدماء، وقتله الأولياء، وغضب على علي بن مقلة، فاستتر وراسل الجند، وكذا الحسن بن هارون .... وذكر ما ذكرنا.

قال: لما حاط به الغلمان الساجية والحجرية، فهرب إلى سطح حَمَّام، وأراد أن يَرميَ بنفسه إلى الطريق، فأنزلوه، وحبسوه في بيت مُظلم، ونهبوا دارَ الخلافة وبغداد، ثم أتوه وطالبوه بالخَلْع فأبى، فخلعوه في يوم السبت لثلاث خَلَون من جُمادى الأولى، وسَمَلوا عينيه حتى سالتا على خَدَّيه فعَمِي.

وقال الخطيب: ارتُكِبَ منه أمر عظيم لم يُسمَع بمثله في الإسلام، وهو أولُ مَن سُمِل من الخلفاء، وإنَّما سَمَلوه خوفًا من شرِّه، وكانت خلافتُه إلى يوم سُمِل سنةً وستةَ أشهر وسبعةَ أيامٍ أو ثمانية (١).

ذكر طرف من سيرته:

قال الصولي: كان (٢) أهْوَجَ، سفَّاكًا للدماء، مُحبًّا للمال، قَبيحَ السِّيرة، كثيرَ التلَوُّن والاستحالة لا يثبت على رأيٍ واحدٍ، مُدمِنًا على شُرب الخمر، فإذا شربه تغيَّرت أوصافُه، وذهب عقلُه، وقتل وعذَّب بأنواع العذاب، ويبدو منه من الأقوال والأفعال ما يَقبُح ذكرُه، لولا أن مَنَّ الله على الناس بحاجبه أبي القاسم سلامة لأهلك الحَرْثَ والنَّسْلَ، وكان إذا نام وأنتبَه أنكر جميعَ ذلك، ومضى في حال سُكره بما همَّ به.

[قال الصولي:] وكنا نجتنب مُجالستَه لسوء عشرته، ولمَّا بويع [بالخلافة] أنشدتُه: [من السريع]

الآن أرسى المُلْكُ أوتادَه … وانتَصَف المسلم من كافر

أنْ نصر الدِّين بقَهْر العِدى … ملك أبي المنصور القاهر (٣)


(١) تاريخ بغداد ٢/ ١٩٤. ومن قوله: وفي صفر قبض القاهر على خاطف خالة المقتدر … إلى هنا ليس في (ف م ١)
(٢) في (ف م ١): حكى الصولي قال: كان.
(٣) البيتان من (خ)، ولم أقف عليهما في مكان آخر.