للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها ظهر رجلٌ يقال له: الشَّلْمَغاني، ويُعرف بابن أبي العَزاقِر، قد شاع عنه أنَّه يَدَّعي الإلاهية، ويُحيي الموتى، وكان له أصحابٌ يوافقونه، وتعصَّب له ابنُ مُقْلَة، وأحضره عند الرَّاضي فسمع كلامه، وقيل: إنه أنكر بحضرة الراضي ما قيل عنه وقال: إن لم تنزل العقوبةُ على الذي باهَلَني بعد ثلاثة أيام، وأكثره تسعة أيام؛ وإلا فدَمي حَلالٌ، فضُرِب ثمانين سَوْطًا، ثم قُتل وصُلب، وقُتل بسببه الحسينُ بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وَهْب وزير المقتدر، وكان متَّهمًا بالشَّلْمغاني، وفي قلب الراضي منه لكونه قال في زمن المقتدر: إنَّ مؤنسًا يريد أن يُقلِّده الخلافة، فلمَّا ولي الخلافة نفاه إلى الرقَّة، ثم قتله، وحُمل رأسه إلى بغداد في ذي الحجة فجُعل في سَفَط، فلمَّا قُطعت يد ابن مُقْلَة جُعِلت في ذلك السَّفَط مع رأس ابن القاسم (١).

وفيها أقام ياقوت بالأهْواز، وكتب له أبو عبد الله أحمد بن محمد بن البَرِيديّ.

وفيها قُتل أبو سعيد إسرائيل بن موسى الرَّازي النَّصْراني كاتب علي بن بُوَيه، وكان قد تَمكَّن منه جدًّا، وله غلمان … ونفوذ (٢) الجيش وتحمل السلاح، ولمَّا حارب ياقوت .... والأمير لا يقبل، ونهاه عن ذِكره فقال: هذا رجلٌ صَحِبني وأنا فقيرٌ، وقد استَغنيت وتَبرَّكت به، فلا تُعاودني فيه.

وكان بين أبي سعيد هذا وبين خَطْلَج حاجب علي بن بُوَيه ورئيس جيشه عَداوةٌ، فاتَّفق أن النَّصراني عمل دعوةً عظيمةً للأمير، غَرِم على الخِلَع والمأكول مالًا عظيمًا، وحضرها القواد، واجتهد على خطلج أن يَحضرها فامتنع، فرأى خطْلَج تلك الليلة في منامه كأنَّ أبا سعيد يريد قتلَه، فانتبه فَزِعًا وقال لأصحابه: رأيتُ في المنام كأن أبا سعيد قد قتلني، ولا بُدَّ من قتلَه، فمنعه خواصُّه من ذلك فلم يفعل، وركب إلى دار أبي سعيد، وحمل معه في خُفِّه كرسنيا مجرَّدًا، وقصد أبا سعيد، فقيل له: قد جاء خطلج، فقعد في المجلس وهو مُنْحَنٍ، ثم ضرب بيده إلى خُفِّه وأخرج الدسني (٣)، وأراد أن


(١) انظر تكملة الطبري ٢٨٩، والمنتظم ١٣/ ٣٤٢، والكامل ٨/ ٢٩٠، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤١٣، ومعجم البلدان (شلمغان) ٣/ ٣٥٩، ومعجم الأدباء ١/ ٢٣٥.
(٢) مكان النقط في (خ) بياض، وهذا الخبر لم أقف عليه فيما بين يدي من مصادر.
(٣) وردت هذه الكلمة وكلمة كرسنيا؛ مهملة في (خ)، ولم أعرفهما.