للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغلمان فذبحوه، وانهزم عسكرُه، ومُزِّقوا كلَّ مُمَزَّق، ونَهبهم عسكر ابن ياقوت، ووارى ابن ياقوت جُثَّةَ هارون، ودخل بغداد لخمسٍ بقين من جمادى الآخرة ورأس هارون بين يديه، فصُلِب بباب العامة (١)، وخُلع على محمد بن ياقوت وسوِّر وطُوِّق.

وفيها توفي

أبو جعفر السِّجْزي

في رجب، وكان من الحُجَّاب، وبلغ من العمر أربعين ومئة سنة وهو صحيح السمع والبصر والثَّغْر، مُنْتَصب القامة، وكان يركب الدَّوابَّ وحده من الأرض بغير [معاون، وكان الوزير علي بن عيسى] قد منعه رِزقَه، فقيل له في ذلك، فقال: هو كذَّابٌ في سنِّه، فقال السِّجزي: انظروا في جرائد سُرَّ من رأى تجدوا فيها حليتي، فأحضر علي بن عيسى الجَرائد وإذا هي كما قال، فأجرى رزقَه، واعتذر إليه، وقيل: إنَّه عاش بعد ذلك مدَّةً، وقال ابن أبي داود السِّجستاني: أنا أعرف هذا الرجل وأهلَ بيته، وإنَّ جميعهم مُعَمَّرون (٢).

وفيها ردَّ الراضي شبابيك تربة أُمِّ المقتدر، وأذن للناس في زيارتها، وكان القاهر قد قَلَعها.

وفيها قبض ابن مُقْلَة على أبي العباس الخَصِيبي [وسليمان بن] الحسن بن مَخْلَد (٣)، ونَفاهما إلى عُمان، ثم هربا إلى بغداد مستَتِرَين، وكيفية ذلك: أنَّ محمد بن ياقوت كان مُنْحَرِفًا عن الخَصِيبي، وكان ابن مُقْلَة يُظهر للخَصِيبي الجميل ويُبْطِنُ غيرَه، فأرسل إليه يومًا بثَلْج، وكان الثلج قد أعْوَز، ودعاه إلى حضرته، وأوصى محمد بن ياقوت باعتقاله إذا خرج.

وجاء الخَصِيبي في طيَّاره إلى دار ابن مقلة، فأقام عنده إلى المغرب، ثم قام فنزل في طيَّاره، وقد أقام له ابن ياقوت جماعةً، فأخذوه، وحملوه إلى دار محمد بن ياقوت فاعتقلوه، واتَّفق ابنُ مقلة وابن ياقوت، ثم قبضا على [سليمان بن] الحسن، وسلَّماه مع الخَصِيبي إلى ابن مسمار، فسار بهما إلى عُمان، ثم سلك بهما البحر في الجانب


(١) في تكملة الطبري والكامل: ونصب، يعني رأسه، وهو الصحيح.
(٢) تكملة الطبري ٢٨٧ - ٢٨٨، وما بين معكوفين منه، مكانه في (خ) بياض.
(٣) ما بين معكوفين من تكملة الطبري ٢٨٨، والمنتظم ١٣/ ٣٩٤.