للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال خير: تقدَّم (١) إليَّ شابٌّ من البغداديين وقد انطبقَت يدُه، فقلتُ له: ما لك؟ فقال: رأيتُك أمس بِعتَ غَزْلًا بدرهمين، فجئتُ خلفك فحَلَلْتُهما من إزارك، وقد صارت يدي مطبوقةً (٢) [فانظر إليَّ]، فأومأ خيرٌ بيده إلى يد الشاب فانفتحت، فقال: خُذ الدِّرهمين، فقال: اذهب فاشتر بهما شيئًا لعيالك ولا تَعُد.

وقال خير (٣): طُرِقَ عليَّ البابُ وأنا جالسٌ في بيتي، فوقع في خاطري أنَّه الجُنَيد، ونَفَيتُ ذلك عن خاطري، ثم طرقه ثانيًا وثالثًا وأنا على ذلك الخاطر، فخرجتُ وإذا بالجنيد على الباب، فقال لي: لم لم تَخرج مع الخاطر الأول.

وقال خير: دخلتُ (٤) بعضَ المساجد وإذا فيه فقيرٌ، فقام وتعلَّق بي وقال: يا شيخ، تعطَّف عليَّ فإنَّ مِحْنَتي عظيمةٌ، قلتُ: وما هي؟ [فقال: فَقَدتُ البَلاء وقُرِنْتُ بالعافية، فنظرتُ] فإذا قد فُتِح عليه بشيءٍ من الدنيا.

وقال أبو الخير الديلمي (٥): كنتُ جالسًا عند خير، فأتته امرأة فقالت: أعطني المِنديلَ الذي دفعتُه لك، فدفع إليها مِنديلًا، فقالت: كم الأُجرة؟ فقال: درهمان، فقالت: ما معي الساعة شيءٌ، وغدًا آتيك بالدِّرهمين، فإن لم أجِدْك فما أصنع بهما؟ فقال: ارمي بهما في دجلة، فإذا أتيتُ أخذتُهما، فقالت: كيف تأخذُهما من دجلة، فقال: التَّفْتيش فُضولٌ منك، افعلي ما آمُرُك به، قالت: نعم.

وجاءت المرأة من الغد وأنا قاعد وخيرٌ غائبٌ، ومعها دِرهمان في خِرقة، فجلست ساعةً تنتظره، فضَجِرَت، فألقتهما في دجلة، وإذا بسَرَطان قد تعلَّق بها وغاص في الماء، وجاء خير [ففتح بابَ حانوته، وجلس] على جانب دجلة يتوضَّأ، وإذا


(١) في (ف م ١): وحدثنا غير واحد عن أبي بكر الصوفي بإسناده عن عيسى بن محمد يقول: سمعت خيرًا النساج يقول: أتى، والمثبت من (خ)، والخبر دون إسناد في مناقب الأبرار ٢/ ١٨ - ١٩، وصفة الصفوة ٢/ ٤٥٣.
(٢) في (ف م ١): وقد انطبقت يدي وصارت مطبوقة.
(٣) في (ف م ١): وحكى في المناقب أنه قال. والمثبت من (خ).
(٤) في (ف م ١): وحكى أيضًا عن خير قال دخلت. والخبر في مناقب الأبرار ٢/ ١٨ وما سيرد بين معكوفين منه.
(٥) في (خ): أبو الحسين الديلمي، وفي (ف م ١): وحكى أبو نعيم عن أبي الحسن الديلمي قال، والمثبت من حلية الأولياء ١٠/ ٣٠٨، وتاريخ بغداد ٢/ ٣٨٠.