للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الرابعة والعشرون وثلاث مئة]

فيها توفي الأمير هارون بن المقتدر في ربيع الأول، واغتمَّ عليه أخوه الرَّاضي غمًّا شديدًا، وأمر بنفي بُخْتَيشوع بن يحيى المُتَطَبِّب من بغداد؛ لأنَّه اتَّهمه به بتَعَمُّد الخطأ في تدبير مرضه، فأُخرج إلى الأنبار، ثم شَفعَت فيه والدة الراضي، فعفى عنه، وأمر بردِّه إلى منزله فرُدَّ.

وفي يوم الجمعة سَلْخ ربيع الأول أُطلق المُظَفَّر بن ياقوت من حبسه من دار السلطان بمسألة الوزير أبي علي بن مُقْلَة فيه، وحلف المظفَّر للوزير على الوَلاء والمُصافاة، وأن لا يَسعى له في مَكروه.

وكان ابن مُقْلَة قد طلب منه أن يَحلف له بمَحْضَر من القُضاة والشُّهود والغلمان الحُجَريّة والسَّاجِية، فمضى القاضي أبو الحسين إلى دار المظفَّر، واستحضر الحُجَرية، فكانوا يَحلفون وهم يتضاحكون ويَسْخَرون من القاضي والشهود، فعلم القاضي أنَّ الأمر لا يَتمُّ، وأنَّهم سيغدرون بابن مُقْلَة.

وفيها قلَّد ابن مُقْلَة أبا بكر محمد بن طُغْج أعمال المعاون بمصر مُضافًا إلى ما كان بيده من أعمال الشام، وأوصل إلى الرَّاضي القُضاةَ والعُدولَ، حتى عَرَّفهم تقليدَه إياه، وأمرهم بمُكاتبة أصحابهم بذلك؛ لئلّا ينازعه أحمد بن كَيغَلَع فإنَّه كان يتولَّى مصر.

وفيها قلَّد ابن مُقْلَة أبا بكر، وقطع محمد بنُ رائق الحِمْلَ عن بغداد مما كان ضَمِنَه من أعمال واسط والبصرة، واحتجَّ باجتماع الجيش عنده، وحاجته إلى صَرْف المال إليهم.

ذكر قَبْض المظفَّر بن ياقوت على ابن مُقْلَة:

كان في نفس المُظَفَّر الحِقْدُ عليه، لأنَّه كان السببَ في نَكْبَته ونكبة أخيه محمد، فلمَّا خرج من الحبس أحبَّ أن يأخذ بثأره وثأر أخيه، ولم يلتفت إلى اليمين التي حلف بها، وأخذ يَسعى في هلاكه، ويُضَرِّب (١) الغِلمان الحُجَرِيّة عليه سرًّا، وعلم الوزير فاحترز،


(١) يفسد، ويغري به. المعجم الوسيط.