للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومضى معظمُ دَيلَمِه إلى البريدي، وبعث الكوفي مَن حفظ داره ببغداد بأمر المتقي [حذرًا أن يصحّ خبر لبجكم وأنه في الحياة].

فلمَّا تيقَّن قتلَه ركب المُتَّقي، فنزل في داره، فنقل ما كان فيها، وحفر فيها أماكن، فحصل له من ماله ما يزيد على ألفي ألف دينار عَينًا ووَرِقًا، وقال للرُّوْزْجاويَّة (١): خذوا التراب بأجرتكم، فأبَوا، فأُعطوا ألفَي درهم، وغَسل التُّرابَ فخرج منه ستةٌ وثلاثون ألف درهم، وظهر له من الجواهر والياقوت والأواني والخيل والثياب والإماء والعبيد بمقدار ما وجد له من العَين، ثم ظهر بعد ذلك وبعد ما نُهب من داره ما نُهب ستة عشر قُمْقُمًا، يَحمل كلَّ قُمْقُم بالدُّهُوق (٢) جماعةٌ.

وكان بين موت الراضي وقَتْل بجكم أربعةُ أشهر وأيام.

الحسن بن علي بن خَلَف

أبو محمد البَربَهاري الحَنْبَلي (٣).

كان قد جمع بين العلم والزهد، وتنزَّه عن ميراث أبيه سبعين ألف درهم، وصحب أبا بكر المَرُّوذي، وسَهْلَ بن عبد الله التُّسْتَري.

وكان شديدًا على أهل البِدَع، وكان ينزل بباب مُحَوَّل.

وكان يُجَرِّئُ العَوام على الخلفاء، فأباح الراضي دمَه، فانتقل إلى الجانب الشَّرقي، واستتر عند أخت توزون فبقي نحوًا من شهر، ثم أخذه قيام الدَّم فمات، فقالت المرأة لخادمها: انظر مَن يُغَسِّله، وغلَّقت الأبواب حتى لا يَعلَم أحدٌ به، فجاء الغاسل فغسَّله، ووقف يصلي عليه وحده، فاطَّلعت المرأة فإذا الدار مُمتلئة رجالًا بثيابٍ بيض وخضر، فقالت للخادم: ما الذي فعلت؟ فقال: يا سيدتي رأيتِ ما رأيتُ؟ قالت: نعم. قال: هذه مفاتيح الأبواب، فقالت لهم: ادفنوه في داري، وإذا متُّ فادفنوني عنده،


(١) نسبة إلى روزجار، الذي يعمل بالنهار. الأنساب ٦/ ١٨٦.
(٢) هي الرافعة أو العتلة. تكملة المعاجم ٤/ ٤٢٠.
(٣) طبقات الحنابلة ٢/ ١٨، المنتظم ١٤/ ١٤، الكامل ٨/ ٣٧٨، تاريخ الإسلام ٧/ ٥٧١، السير ١٥/ ٩٠.
وسياق هذه الترجمة في (م ف م ١) مخالف لسياقها في (خ)، وسأشير إلى ذلك في نهايتها، وما بين معكوفين من النسخ (ف م م ١).