للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصْلَحة، فقال ابن رائق: ما يَحسُن بي أنْ أتأخَّر عن الأمير أبي منصور، فألحَّ عليه الحسن إلحاحًا لم تَجْرِ به عادة، فاستراب، وجذب كُمَّه من يده فَتخَرَّق، [فصاح الحسن] بغلمانه: لا يفوتكم اقتلوه (١)، فضربوه بالسيوف حتى بَرَد، واضطرب أصحابُه خارج المضرب، وجاء مطرٌ فتفرَّقوا، وحُمل ابن رائق إلى قرية بإزاء الموصل تُعرف بالكار، فدُفن بها وعُفّي قبره.

وبلغ المتقي فخاف وقال: وأين الأيمان والعهود؟ فبعث إليه الحسن يُعرّفه بأنَّ ابن رائق أراد أن يغتاله [ويوقع به، فجرى من أمره ما جرى]، فردَّ الجوابَ يُعرِّفه أنَّه المَوثوقُ به، وأنَّه لا يَشك فيه، ويأمره بالمصير إليه، فعبر إليه، فخَلَع عليه ولقَّبه ناصر الدولة، وجعل أمير الأمراء، وخلع على أخيه سيف الدولة، وعلى الحسين بن سعيد بن حمْدان، وعاد إلى بغداد ومعه ابن حَمْدان، وهرب البريدي إلى واسِط، فكانت مدَّة إقامته ببغداد ثلاثةَ أشهر وعشرين يومًا.

ولمَّا دخل المتقي بغداد كان بين يديه ناصر الدولة وأخوه أبو الحسن وجميع الجيش، وعُقِدت القِباب، وأعاد القَراريطي إلى الوزارة، وبدرًا الخَرشَني إلى الحِجابة، [ثم صرف الحسن بدرًا الخرشني] وتقلَّدها أحمد بن خاقان (٢)، فكان دخولُ المتقي بغداد يوم الاثنين لثلاث عشرة بقيت من شَوَّال.

وفي شوال خلَع المُتَّقي على ناصر الدولة وعلى أخيه سيف الدولة، كلّ واحد طوقَين وأربعةَ أَسْورة ذهبًا، وخلع على الحسين بن سعيد، وطُوِّق بطوقٍ واحد وسوارَين، وقَلَّد بدرًا الخَرشَني طريق الفُرات، فخرج إليها من يومه، وسار إلى مصر، فقبله الإخشيد أحسَنَ قَبول، وقلَّده أعمال المعاون بدمشق، فلما كان بعد قليل حُمَّ بدرٌ حمَّى حادةً ومات بدمشق.


(١) ما بين معكوفين من تاريخ الإسلام ٧/ ٤٣٥، وانظر تكملة الطبري ٣٣٣، والكامل ٨/ ٣٨٢. ومن قوله: وزاد البلاء بأهل بغداد … إلى هنا ليس في (م ف م ١)، جاء بدله: وفيها قتل أبو بكر محمد بن رائق، أمر أبو محمد الحسن غلمانه لا يفوتكم اقتلوه. والمثبت من (خ).
(٢) ما بين معكوفين من أخبار الراضي ٢٢٨.