للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفيها توفي]

مُفلِح (١) بن عبد الله

أبو صالح، الدِّمَشْقي، الزَّاهد، الذي يُنسب إليه مسجد أبي صالح خارج باب شرقي.

كان من الأبدال، [حكى عنه الحافظ ابن عساكر أنَّه] قال: كنتُ أدورُ في جبل اللُّكَّام لطلب الزُّهَّاد والعُبَّاد، فرأيتُ رجلًا صالحًا [جالسًا] على حَجَرٍ، وعليه مُرَقَّعةٌ، وهو ينظر إلى الأرض، فقلتُ: ما تصنع ها هنا؟ فقال: أنظرُ وأرعى، قلتُ: ما أرى بين يديك إلا الحجارة، فما الذي تنظرُ وترعى؟ فتغيَّر لونُه وقال: أنظرُ خواطرَ قلبي، وأرعى أوامرَ ربي، فبالذي أظهرَك عليَّ إلا ما جُزْتَ عنِّي، فقلتُ: كلِّمني بكلمةٍ أنتفع بها، فقال: مَن لزم الباب أُثبِتَ في الخَدَم، ومَن أكثَر الذنوب أكثرَ الندم، ومَن استغنى بالله أَمِنَ العَدَم، ثم غاب عني.

حدَّث أبو صالح عن حَمدَويه وغيره.

وكان حَمدَويه من الأبدال أيضًا، واسمُه محمد بن أحمد بن سَيِّد، أبو بكر، التميمي، مولى بني هاشم، كان له كرامات، صحب قاسمًا الجُوعي وحدث عنه، ومات هو وأبو صالح في هذه السنة [بدمشق] (٢).

وقال أبو صالح: أقمتُ أربعين يومًا ما شربتُ ماءً (٣)، فأخذ حمدويه بيدي، وأدخلني داره، وأتى بشربة ماءٍ وقال: اشرب، ثم التفَتَ إلى امرأته وقال: هذا له أربعون يومًا ما شرب، قال أبو صالح: وما اطَلع على حالي إلا الله تعالى.

[روى عن أبي صالح أبو بكر محمد بن داود الدينوري، ومن كلام أبي صالح: الدنيا حَرام على القلوب، حلال على النفوس؛ لأن كلَّ شيءٍ] تنظر إليه بعين رأسك حرامٌ عليك أنْ تنظرَ إليه بعين قلبك.


(١) في (م): فصل وفي هذه السنة توفي مفلح. وانظر ترجمته في تاريخ دمشق ١٧/ ١٠٩، ١٩/ ٨٠ (مخطوط)، والسير ١٥/ ٨٤، وتاريخ الإسلام ٧/ ٥٩٨.
(٢) أرخ ابن عساكر في تاريخه ٦٠/ ١٦٣، والذهبي في السير ١٤/ ١١٢، وفاته في سنة (٣٠١ هـ).
(٣) في (م): ما شربت لا ماء ولا لبنًا.