للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمل إليه الإخشيد من الأموال والهدايا شيئًا كثيرًا، وإلى جميع مَن معه، وبلغه ما يُقرَّر بينه وبين توزون فقال له: يا أمير المؤمنين، أنا عبدك وابن عبدك وربيبُ دولتك، وقد عرفتَ الأتراك وغَدْرَهم وفجورَهم، فالله الله في نفسك، سِرْ معي إلى الشام ثم إلى مصر فهي لك، والدنيا بين يديك، لتأمنَ على نفسك، فلم يقبل، فقال: أقم ها هنا وأُمِدُّك بالأموال والرجال، فلم يسمع منه، فعدل إلى الوزير وقال له: سِرْ معي، وضَمِن له ما أراد، فلم يُجبه مُراعاةً للمتقي، فلمَّا نُكب المتقي، كان ابن مُقْلَة الوزير يقول: يا ليتَني قَبِلتُ نصْحَ الإخشيد.

وذكر المسعودي أنَّ الإخشيد لم يقطع الفرات، وإنما عبر المُتَّقي إليه، وجرَت بينهما أيمانٌ وخطوب، ورجع الإخشيد إلى الشام (١).

وفيها قُتل حَمْدي (٢) اللّص، كان [لصًّا] فاتكًا، ضمنه ابن شيرزاد أموال الناس ببغداد في كل شهر بخمسة وعشرين ألف دينار، فكان يَكبس بيوت الناس بالشَّمع والمَشاعل، ويأخذ الأموال، ويَفتك بالناس، وكان أسكورَج الدَّيلَمي صاحب شُرطة بغداد، فأخذه، وضرب وَسَطه نصفَين، وأراح الناس منه.

ودخل أحمد بن بُوَيه واسِطًا، وهرب أصحابُ البريدي إلى البصرة.

وفي شوال قتلَ سيف الدولة محمد بنَ ينال التَّرْجُمان، وكان قد مضى إلى المَوصل من عند المتقي، فقال له: أنت عاملتَ العجم عليَّ، وأردتَ الإمرة لنفسك، فجَحَد وحَلَف، فلما خرج ليركبَ دابَّتَه ضربه غِلمان سيف الدولة بالسُّيوف حتى بَرَد.

وفي شوال كان توزون جالسًا ببغداد على سرير الملك، والناس قيامٌ بين يديه، فعرض له صَرَعٌ، فوثب ابن شيرزاد فضرب بينه وبين الناس سِتارةً وقال: قد حدثت للأمير حُمَّى.

ولم يحجَّ في هذه السنة أحدٌ لموت القِرْمِطي.


(١) مروج الذهب ٨/ ٣٤٨. ومن أول السنة إلى هنا ليس في (م ف م ١).
(٢) في تكملة الطبري ٣٤٣، والكامل ٨/ ٤١٦: ابن حمدي، والمثبت موافق لما في تاريخ الإسلام ٧/ ٦٢٦.