للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثالث والعشرون في خلافة المطيع لله أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر]

وأمُّه مَشْعلة (١)، وقيل: ضرار، أمُّ ولد، أدركت خلافتَه.

بويع في اليوم الذي خُلِع فيه المستكفي، وهو يوم الخميس لثمان بقين من جُمادى الآخرة، وسنُّه يومئذ ثلاثٌ وثلاثون سنة وخمسةُ أشهر وأيام؛ لأنَّ مولده لستٍّ بقين من المحرَّم سنة إحدى وثلاث مئة، وهو ابن عمِّ المستكفي لَحًّا (٢).

وأُحضر المستكفي، فسلَّم عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخَلْع، ثم سُمِل واعتُقِل في دار الخلافة، وصادر المطيعُ خواصَّه، وأخذ منه ألوفًا كثيرة، ووصل العباسيين والعلويين في يوم واحد بنيِّفٍ وثلاثين ألف دينار، واستبدَّ بالأمور ابن شيرزاد (٣).

وفيها اشتدَّ الغَلاء ببغداد في شعبان، وأكل الناس الجِيَف والرَّوْث، وماتوا على الطُّرُقات، فكانت الكلاب تأكلُ لحومهم، وبيع العقار بالرُّغْفان (٤)، ووُجِدت امرأةٌ عَلَويَّة قد سَرَقت صبيًّا، وشَوَته في تَنُّور وهو حَيّ، وأكلت بعضَه، فقُتلت، ووجدت امرأة علوية قد شقَّت صَبيةً نصفين، وطَبخت نصفَها سِكْباجًا، والنِّصف الآخر بماء وملح، فذَبحها الدَّيلَم، وخرج الناس هاربين إلى البصرة [وواسط]، فمات أكثرهم في الطريق.

وكثر القَمْلُ في الغِلال والثِّمار، فيئس الناس من غِلالهم وثمارهم، فأرسل الله تعالى طَيرًا على جِرْم العصفور أصفر، فكان يلتقط القَمْل من الزَّرع والثِّمار حتى أفناه، واشتدَّ الحصار من جانبي بغداد، فاشتُري لمعز الدولة [كُرُّ] حِنْطَةٍ بعشرة آلاف درهم، وقيل: بعشرين ألفًا.


(١) كذا في (خ)، والتنبيه والإشراف ٣٦١، والنجوم الزاهرة ٣/ ٣١٥، وفي تكملة الطبري ٣٥٥، وتاريخ بغداد ١٤/ ٣٥٦، والمنتظم ١٤/ ٤٦، وتاريخ الإسلام ٨/ ٢٣١، والسير ١٥/ ١١٣: مشغلة (بغين معجمة).
(٢) يعني لاصق النسب. انظر القاموس المحيط.
(٣) من قوله: وفيها خلع المستكفي … إلى هنا ليس في (م ف م ١).
(٤) في (م ف م ١): بالرغيفين.