للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مئة ألف درهم عِوضًا عما لزمه من النفقة ويرجع عنه، فما أجاب، وسار إلى الموصل، ولما قرب منها خرج ناصر الدولة إلى نَصِيبين.

ولما كان يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من شعبان وصل معز الدولة إلى بلده في الما (١)، وكان قد لحقه ذَرَبٌ شديد، وخلَّف بالمَوْصِل جماعة من الأتراك والدَّيلَم لحفظ البلد، وبلغ ناصر الدولة، فسار إلى مَيَّافارِقين من نَصِيبين، وترك معز الدولة نَصِيبين، وسار الحاجب الكبير وجماعة من القوّاد إلى مَيَّافارِقين، ولا يدري أين ذهب، فعاد الحاجب الكبير إلى معز الدولة يريد الموصل خوفًا عليها، وصار أبو تغلب وإخوته إلى الموصل، فوافقوا أصحاب معز الدولة، فكانت بينهم حروب في رمضان، فكانت على أولاد ناصر الدولة، فأحرقوا زَبازِبَ (٢) معز الدولة التي كانت ببلده، وزواريق الغِلال التي كانت بالموصل، ثم جاء ناصر الدولة واجتمع عليهم، واستأمن إليه الدَّيلَم، واستأمن جميع الترك، وأخذ ما كان لمعز الدولة من سلاح وكُراع وغيره مما يساوي مئتي ألف درهم، وبعث ناصر الدولة بالأسارى إلى القلعة.

وسار معز الدولة يريد الموصل، وخرج منها ناصر الدولة وأولاده فصاروا إلى سِنْجار، ونزل معز الدولة بَرْقَعيد، ولم يعلم ما جرى على أصحابه، وكانت نفسه ساكنة إلى من فيها من عسكره وخواصّه، وبلغه أن ناصر الدولة عدل إلى الجزيرة، فسار من بَرْقَعيد خلفَه، فاعترضه في الطريق أبو لمُظَفَّر حمدان بن ناصر الدولة، فوقف معز الدولة مكانه طول نهاره، وفرَّق الجَواشِن (٣) والتَّخافيف على غلمانه، وجمع سَوادَه، ورتَّب رجاله، وبات ليلته مكانه، فسار من غدٍ على عقبه يريد الجزيرة، فدخلها فلم يجد بها ناصر الدولة، وبلغه ما جرى على أصحابه بالموصل، فكاتب الحاجب الكبير ومعظم العسكر معه بنَصِيبين، فكتب إليه معز الدولة أن يَلحق به، فلحق به إلى بَلَد لليلتين بقيتا من شهر رمضان (٤).


(١) كذا، وفي الكامل ٨/ ٥٥٣: ووصل معز الدولة إلى الموصل وملكها في رجب، وصار يطلب ناصر الدولة حادي عشر شعبان.
(٢) مفردها: زَبْزَب، ضرب من السفن.
(٣) هي الدروع.
(٤) انظر الخبر بأوضح مما هنا في الكامل ٨/ ٥٥٣ - ٥٥٤.