للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سبب قتله أقوال؛ أحدها أنه كان معه مال كثير، فقتله العرب لأجل مالِه؛ وكان قد وصل له من عضد الدولة] أكثر من مئتي ألف درهم (١)، وارتحل من شِيراز بغير خَفير، فخرج عليه الأعراب فقتلوه وابنه مُحَسَّدًا بمكان يقال له: الصَّافية، واسم قاتله: فاتك بن أبي الجَهْل الأسدي.

[والثاني: أن سبب قتله كلمة قالها عن عَضد الدولة، فدس إليه مَن قتله؛ وذلك] أنه لما وَفَد (٢) على عَضُد الدولة أكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار وثلاث خِلَع، في كل يوم خِلْعَة سبع قِطَع، وثلاثة أفراس بسروج مُحَلاة، ثم دس عليه مَن مسألة: أين هذا [العطاء] من عطاء سيف الدولة؟ فقال [المتنبي]: هذا أجزل إلا أنه عطاءُ متَكَلِّف، وسيف الدولة معطي طَبْعًا، فغضب عَضد الدولة، وأذن لقوم (٣) من بني ضَبة فقتلوه.

وقال المُظَفَّر بن علي الكاتب (٤): اجتمعتُ برجلٍ من بني ضَبَّة يُكنى أبا راشد (٥) فقال: إنا حضرت قتل المتنبي؛ أذن لنا عضد الدولة في قتله، فخرجتُ مع أبي وكنا ستين راكبًا، فكَمَنَّا في وادٍ، فمرّ بنا في الليل ولم نعلم به، فلما أصبحنا تبعناه (٦)، فلحقناه وقد نزل تحت شجرة كُمَّثْرى وعندها عَين، وبين يديه سُفْرة فيها طعام، فلما رآنا قام ونادى: هلمُّوا يا وجوهَ العرب، فلم يُجِبْه منا أحدٌ، فأحسَّ بالدَّاهية، وركب ومعه ولده وخمسة عشر غلامًا، وجمعوا الجماهل والبغال، فلو ثبت مع (٧) الرجالة لم يقدَر (٨) عليه، ولكنه بَرَز إلينا فتَطارَدْنا، فقتل ولده وغلمانه، وانهزم شيئًا يسيرًا، فقال غلام له: أين قولك [يا مولاي بالأمس]:


(١) في (خ): فمدح عضد الدولة بأكثر من مئتي ألف شعر، والمثبت من (ف م م ١)، وانظر المنتظم ١٤/ ١٦٥.
(٢) في (خ): وقيل إنه لما وقد، والمثبت من (ف م م ١).
(٣) في (ف م م ١): فاغتاظ عضد الدولة وأمر قومًا، والمثبت من (خ).
(٤) في (ف م م ١): فذكر المظفر بن علي الكاتب قال.
(٥) في المنتظم ١٤/ ١٦٦: أبا رشيد.
(٦) في (ف م م ١): تبعنا أثره.
(٧) في (ف م م ١): فلو ثبتت معه.
(٨) في (ف م ١): نقدر، وفي (م): يقدروا.