للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخَيلُ والليلُ والبَيداءُ تعرِفُني … والضَّربُ والطَّعنُ والقِرْطاسُ والقَلَمُ؟!

فقال له: قتلتَني قتلك الله، والله لا انهزمتُ أبدًا

ثم رجع كارًّا علينا، فطَعَن زعيمَنا في عنقه فقتله، واختلفت عليه الرّماحُ فقُتل، فرجعنا إلى الغنائم -وكنت جائعًا- فلم يكن لي همّ إلا السُّفرة، وأنا يومئذ صبيّ حين راهَقْتُ، فأخذتُ آكل منها، فجاء أبي وضَربني بالسَّوط وقال: الناسُ في الغنائم وأنت مع بطنك، اكفُ ما في الصُّحَيفة وأعطني إياها، فأكفأتُها ودفعتُها إليه وكانت فضَّة، ورميتُ الدَّجاج والفِراخ في حجري.

وكان المتنبي قد هجا ضَبَّةَ الأسَديَ بقوله: [من الرجز]

ما أَنصفَ القومُ ضَبَّه … وأمُّه الطرطبَّه (١)

وقال الأصفهاني: كان قد هرب من كافور إلى أرَّجان، ومدح بها ابن العَميد وزيرَ ركن الدولة بن بُويه [وكنيته أبو الفضل] فأعطاه في دفعات [ثلاثين] ألف درهم، ثم مضى [من عنده] إلى عَضُد الدولة، فأعطاه ما قيمته ثلاثين ألف دينار، وقال له: امضِ وأحضر عيالك -وكانوا بالكوفة- فلما سار إلى بَنُورا قرية عند النُعمانية، وجد هناك خيلًا قد كَمَنوا له، فحملوا عليه، فطُعن فوقع، فنزل رجل فحَزَّ رأسَه وقتل ابنَه مُحَسَّد وبعضَ غلمانه.

والقول الثالث: أن (٢) الذي قتله كَثْرة ماله وبخله، فكان يحمل معه أمواله ولا يعطي خَفيرًا درهمًا، فلما رحل من شيراز سأله الخُفَراء أن يعطيهم خمسين درهمًا ويخفروه، فلم يفعل.

وكان آخرَ ما مدح به عَضُد الدولة قصيدته التي يقول فيها (٣): [من الوافر]

ولو أني استطعتُ غَضَضتُ طَرفي … فلم أُبصر به حتى أراكا

[وأنَّى شئتِ يا طُرُقي فكوني … أذاةً أونَجاة أوهَلاكا

وجعل قافية البيت الهلاك فهلك] (٤).


(١) ديوانه بشرح البرقوقي ١/ ٣٣٠، والطرطبة: المسترخية الثديين.
(٢) في (خ): وقيل إن، والمثبت من (ف م م ١).
(٣) في (خ): عضد الدولة قوله في قصيدة، والمثبت من (ف م م ١).
(٤) المنتظم ١٤/ ١٦٥ - ١٦٦، والبيتان في ديوانه ٣/ ١٢٧، ١٣٣، وما بين معكوفين من (ف م م ١).