للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له سيف الدولة: أحسنتَ إلا في لفظة المنكوح؛ فليست مما يُخاطَب الملوك بها.

وكتب إلى أخيه ناصر الدولة: [من الطويل]

وَهَبْتُ لك العليا وقدكنتَ أهلَها … وقلتُ نعم بيني وبين أخي فَرْقُ

وما كان بي عنها نُكولٌ وإنما … تَجاوزْتُ عن حقِّي فتمَّ لك الحَقُّ

أما كنتَ ترضى أن أكون مُصَلِّيًا … إذا كنتُ أرضى أن يكون لك السَّبْقُ (١)

ذكر وفاته:

مرض بعلةِ الفالج قديمًا، ثم أخذه عُسْر البول.

[قال الحافظ ابن عساكر:] توفي بحلب يوم الجمعة عاشر صفر أو لخمس بقين منه (٢).

وتولى أمره القاضي أبو الهيثم بن أبي الحُصين، وغسله عبد الحميد بن سهل المالكي قاضي الكوفة، غسَّله تسع مرات أولًا بالماء والسِّدر، ثم بالصَّنْدَل، ثم بالذَّريرة، ثم بالعَنْبر، ثم بالكافور، ثم بماء الوَرْد، ثم بماء المِسك، ثم بماء القَراح أخيرًا، ثم غسله غُسلين، ونُشِّف بثوب دَبيقي ثمنه خمسون دينارًا، وكُفِّن في سبعة أثواب تساوي ألفي دينار فيها قميصُ قَصَب؛ بعد أن صُبر بمئة مثقال غالية، ومَنَوين كافور، وصلى عليه أبو عبد الله بن الأقساسي العلوي الكوفي، وكبَّر عليه خمسًا، وحُمل في تابوت إلى مَيَّافارِقين مع مملوكه تقي، فوصل إليها في ربيع الآخر، فلما وصل إلى التوبة التي بناها لنفسه أخرجه من التابوت بوصيَّةٍ منه، ووضعه في لَحْده، وجعل تحت خَدِّه لَبِنَةً صغيرة من تُرابٍ جَمعه من دِرْعه وقت لقائه للعدو ودخوله بلاد الروم، ودفن عند أمه وأخيه، وعمره ثلاث وخمسون سنة (٣) [على حسب ما ذكرنا من مولده].

وكانت إمارته ثلاثًا وعشرين سنة.


(١) انظر فيما سلف من أشعار: تكملة الطبري ٤١٢، ويتيمة الدهر ١/ ٤٢ - ٥٦، وتاريخ دمشق ٥١/ ٢١، والكامل ٨/ ٥٨٠ - ٥٨١، ووفيات الأعيان ٣/ ٤٠٢ - ٤٠٥، وتاريخ الإِسلام ٨/ ١٠٣.
(٢) تاريخ دمشق ٥١/ ٢٢، وما بين معكوفين من (ف م م ١).
(٣) الأعلاق الخطيرة ١/ ٣١٣ - ٣١٥.