للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة والخمسون وثلاث مئة]

وفي يوم عاشوراء فُعل ما جَرت به العادةُ من النَّوحِ وغيره.

وفيها سَعَّر السُّلطان ببغداد، فازداد الغَلاء، وبيع الكُرّ بتسعين دينارًا، فأسقط التسعير، فعاد الأمر كما كان عليه.

وفيها وصلت الروم إلى الجزيرة، ودخلوا كَفَرْتُوثا، فقتلوا من أهلها ثمان مئة، ومضوا إلى حمص وقد انتقلوا عنها فأحرقوها.

وفيها توفي أبو أحمد الفضل بن عبد الرَّحمن الشيرازي بحُمَّى حادة ووَرَم الحَلْق في المحرَّم.

وفيها نزل ملك الروم أنطاكية، وسرت سراياه في الشام، وأحرق ربَضَ طَرابُلس، وحاصر مدينة عِرْقَة، وفتح حصنها وهدمه، وأخذ منه خلقًا كثيرًا كانوا قد التجؤوا إليه من طرابلس وغيرها، وأخرج أرباض الساحل، ثم قصد حمص وأحرقها ولم يجد فيها أحدًا، ثم قصد حَلبًا، فوجد قرغويه قد حَصَّنها، ويقال: إنه أسر من المسلمين في هذه السنة مئة ألف رأس، ولم يكن يأخذ إلا الشباب والصبايا، ويقتل الشيوخ والكهول والعجائز، ويقال: إنه فتح في هذه السنة ثمانية عشر مِنبرًا للإسلام، فأما القرى فما يُحصى ما أخرجه وأحرق منها، وعبرت خيلُه الفُرات، ووصلت إلى كَفَرْتوثا على ما ذكرنا، وكانت إقامتُه ببلاد الإِسلام شَهرين يفعل هذه الأفاعيل، لا يلقاه أحدٌ من المسلمين، ولا يدفعه دافع، فوقع الوَباءُ في عسكره والفناء، فرجع بالأسارى والغنائم إلى بلده.

ذكر ما جرى بين أولاد ناصر الدولة (١):

بعث أبو تَغْلِب أخاه أبا البركات إلى قتال أخيه أبي المظفَّر حَمدان صاحب الرَّحْبة، فخرج حمدان بأمواله وعياله إلى بغداد، فأكرمه عز الدولة، وأهدى له هدايا كثيرة


(١) هنا يبدأ الجزء السادس عشر من مختصر مرآة الزمان من نسخة باريس (ب)، وسيكون الاعتماد عليه، وعلى النسخ (ف م م ١) إلى أن ينتهي الخرم في نسخة الخزائنية (خ)، هذا، وما جرى بين أولاد ناصر الدولة ليس في (ف م م ١).