للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة التاسعة والخمسون وثلاث مئة]

فيها عُمل ببغداد يوم عاشوراء ما جرت به العادة. وفيها في صفر أخذت الروم أنطاكية، نزلت الروم على حصنٍ قريب منها يُعرف بحصن لوقا (١) وأهله نصارى، فوافقوهم على أن ينتقلوا منه إلى أنطاكية، ويُظهروا أنهم إنما انتقلوا منه خوفًا من الروم، حتى إذا حصلوا بأنطاكية وجاءت الروم فنازلتها عاونوهم على فتحها، وانصرفوا عنهم على ذلك، فانتقل النصارى إلى أنطاكية، وفي أحد جوانبها جبل، فنزلت النصارى فيه، واستوطنوه، ولم يعلم أهل أنطاكية بما كان بين النصارى والروم.

ثم جاء الروم بعد شهرين مع أخي نقفور الملك، فحصروا أنطاكية، فصَعِد أهلها على الأسوار، وجاءت طائفة فقصدوا الجبل الذي فيه النصارى، ففتحوا لهم الأبواب فدخلوا، ووضعوا السيف في أهلها، وسَبَوا وقتلوا خلقًا عظيمًا، وساقوا من النساء والصبيان ما أرادوا وقيل: سَبَوا عشرين ألفًا، وبعثوا بهم إلى بلادهم، وقالوا للشيوخ والعجائز والأطفال: اذهبوا حيث شئتم.

ثم أنفذ الملك جيشًا إلى حلب في عشرة آلاف، فملكوا الرَّبض، وكان شريف بن سيف الدولة يحاصرها وفيها قَرغويه، فانحاز شريف إلى خُناصِرة طرف البرية ليبعد عن الروم، وبقي قرغويه وأهل حلب في القلعة.

فخرج إلى الروم رجلٌ هاشميٌّ من أهل حلب يقال له: طاهر، ومعه جماعة من الأعيان، فتوسَّط (٢) بين قرغويه وبين الروم، وترَدَّدت الرسائل حتى تقرَّر الأمرُ بينهم على صُلحٍ وهُدنةٍ مؤبَّدة، وكتبوا بينهم كتابًا مضمونه: أن الصلح تقرر بين قرغويه الحاجب السَّيفي الدمشقي وفتاه بَكجور وجماعة من أعيان الحلبيين وبين الخادم الطربادي صاحب مائدة نَقفور -وكان هذا الخادم يقود الجيوش ولم يكن له منزلة الدُّمُسْتق- وتاريخ الكتاب في صفر سنة تسع وخمسين وثلاث مئة على أن يدفعوا لهم كل سنة وزن ثلاثة قناطير من الذهب، وقيل: من الفضة، على أن يؤمنوهم على


(١) في (ف م م ١): توما، وفي (ب خ): فرقا، والمثبت من الكامل ٨/ ٦٠٣.
(٢) في (ف م م ١): فتوسطوا.